أين نذهب يا بابا ؟
بقلم/ عبير عبد الرحمن
عنوان المقال غريب يدفعك لمحاولة الفهم هل هو مقال أم سؤال؟ وهل محتوى المقال يستحق هذا العنوان المثير أم هو بدافع إثارة فضول القراء ثم تشترى الترام عند القراءة؟
أعزائى القراء لن أطيل وسأجيب.. العنوان مقتبس من إسم الرواية المترجمة من الفرنسية للكاتب جون لوييه فورنييه والتى إقتبس منها العمل المسرحي سالب واحد الذى أدتة الفرقة المسرحية لقصر ثقافة المحمودية وهو عمل أكثر من رائع أدته الفرقة بإحترافية رغم ضعف الامكانيات المادية التى عالجتها قوة الإمكانيات الفنية للمواهب الشابة سواء فريق التمثيل أو الإخراج أو الأشعار أو الموسيقى.
عادة عندما أكتب للنشر عن فعالية ثقافية أو إجتماعية يكون خبر يحتوى على بضع كلمات نقد إيجابى وعدد من الصور لكن هذة المرة روعة العمل ألهمتنى فكرة مقال فقررت أن يكون المقال هو إجابة السؤال عنوان المقال(والرواية الأصلية )وأيضاً تفسير عبقرية إختيار إسم المسرحية (سالب واحد ) من وجهة نظرى.
للأسف آفة المثقف أمرين أولهما أنه يرى المضمون المخفى والهدف البعيد لأى عمل فنى فى محيط ثقافته،وثانيهما تألمه الشديد عندما يصل لفهم الهدف الرئيسى للعمل؛ لأنه غالباً ما يلمس أوتار مشاعره.
فالظاهر من مضمون الرواية أو مسرحية سالب واحد هو معاناة أى أب وأم لطفل معاق ومخاوفهم ووساوسهم وأفكارهم وتقبلهم لهذا الطفل وهذا صحيح، لكن للأسف الشديد أعتقد أن هناك هدف ابعد قصده المؤلف ليس ذلك فقط بل أعمق من ذلك وأعم.
المسرحية تمس كل أب وأم وطريقة تقبلهم لأبنائهم للأسف كل الأباء مهما بلغت درجة ثقافتهم صنعوا تمثال مثالى من وجهة نظرهم وإنتظروا أن يكون الأبناء صورة طبق الأصل وفى محاولتهم المستميتة للوصول لتلك الصورة تناسوا مشاعر الأبناء وآلامهم وتناسوا أنهم يعرضوهم للأذى النفسى والجسدى دون أم يشعروا وتناسوا أننا نحب أبنائنا بما هم عليه وليس لما هم عليه وأن الشخصية السوية لها صور كثيرة وليست فقط التى رسمها خيال كل أب وأم لأبنائهما وما لم يستفيق كل أب وأم من أوهام الإبن المثالى لن يمكن أن يكون هناك إجابة واضحة لسؤال أين نذهب يا بابا سوى أنه لا يمكن أن نعرف كلانا أين يذهب الآخر لأن وجهتنا ليست واحدة أما عن عبقرية الوصول بإسم العمل المسرحى.
من أين نذهب يا بابا إلى سالب واحد هو نوع من الإجابة العميقة على أن ناتج عدم التفهم لإختلافات الأبناء عن تصورنا محصلته أسوء من الصفر بل خرجت عن الإيجاب لتكون سالب واحد.
كما أود أن أشيد بتخير الموعد للعرض المسرحى لتكون نوع من التوعية قبل موسم نتائج الإمتحانات التى قد لا يتقبلها الأباء ويكون النتيجة الإساءة والإهانة للأبناء أعلم أن الطبيعى أن يتمنى ويرغب كل أب وأم فى تفوق ومثالية أبنائهم لكن ذلك لا يعنى أن يعاقب الإبن على قدرات معظمها ليس له يد فيها؛ تربية الأبناء فى هذا الزمن ليست سهلة خاصة مع كثرة المؤثرات الخارجية التى تعمل ضد ما يزرعه الأباء فى أبناؤهم أحياناً.
ومع ذلك كل ما علينا كأباء أن نربى على الأخلاق والدين وندفعهم لإكتشاف نقاط قوتهم ولا نبرز نقاط ضعفهم ولا نستهتر بمشاعرهم ولا نستهزئ بآلامهم مهما كانت من وجهة نظرنا تافهة لا تقتلوا أرواحهم وهم على قيد الحياة وحدوا وجهتكم على بصلتهم الفطرية لتتمكنوا من الرد عليهم عندما تسألوا أين نذهب يا بابا؟
فى النهاية كل التقدير والإحترام والإعجاب بالفرقة المسرحية لقصر ثقافة المحمودية للشاعر المربى الفاضل سامح رخا وللمخرج الشاب عمرو جلال وكل القائمين على هذا العمل.