“إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
متابعة ناصف ناصف
بقلم الأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية
لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس. ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه؛ لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً،
ولنا في انقضاءِ شهررمضانَ عِبرةً وعظة، فقدْ كُنَّا نعيشُ أيامَهُ فَرِحينَ متنعمينَ بها، ثُمَّ انقضتْ تِلكُمُ الأيامُ و مضتْ ولا يبقى لنا ألا ما أودعنَاهُ فيها مِنْ خيرٍ أو شرٍّ، والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب. إنه بحق مدرسة للتغيير .. نُغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا إلى ما يحبه الله ويرضى به عنا ولقوله عز وجل ” إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” الرعد 11 .وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد،
ومن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ورحمته بهم، وخوفه عليهم، فقد سنّ لهم بعض الأعمال؛ لتكون صمّام أمان للفروض والواجبات،
ومن السنن التي حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها: صيام ست من شوال، وقد دأب الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم على صيام هذه النافلة تقرّباً لله، وطمعاً بما عنده من الثواب.
فقد خصّ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأيام بالصيام؛ لأن الصائم قد يحصل منه بعض التقصير في صيام رمضان، فيُجبر ما كان من نقص بصيامه لِسِتٍ من شوال، فهي بمثابة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، تسد ما يحصل في الفرض من خلل أو نقص؛ فيتم جبره بالنوافل يوم القيامة، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح من الأحاديث . لقول صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ”،
فإن صامها المسلم متتابعة من اليوم الثانى من شوال فقد أتى بالأفضل، وإن صامها مجتمعة أو متفرقة فى شوال فى غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة ولا حرج عليه وله ثوابها.
وقد تفضل الله جل وعلا على هذه الأمة بأن جعلها خير أُمَّة أخرجت للناس وضاعف لها الأجور، فقال تعالى:”مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا َ”160: الأنعام، وهذا فضل عظيم، فرمضان بعشرة أشهر، والست بشهرين، والحسنة بعشر أمثالها، فكأنه صام الدهر كله.
وقالت العلماء إن صيام الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم سلفًا وخلفًا إلى أنّ الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان فإن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده.
فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقب ذلك , وهذا خير عظيم.
أ . د / مفيدة إبراهيم علي عميد كليات الدراسات الاسلامية والعربية