الاستقرار السياسي
بقلم عادل الطيب
نحن نواجه اليوم تحديات غير مسبوقة في العالم العربي الذي يزداد اضطراباً يوماً بعد يوم
بينما يتوه صوت شريحة مؤثرة من المجتمع وهي الشباب أي جيل اليوم والأجيال القادمة، حيث لم يعد للنظريات التقليدية والرؤى التي غمرها الغبار الزمني، حيزاً مقبولاً عند فئات وشرائح من صناع المستقبل.
هذا لا يعني إلغاء النظريات والمكتسبات التاريخية السياسية والاقتصادية والتنكر للعلوم بشتى ميادينها، وإنما هي بالواقع دعوة لتجديد لغة الحوار على أساس براغماتي، لتستفيد جميع الشعوب والبلدان من التغيير السياسي الحتمي ومواكبة عقول نيرة وواعدة، يمكنها أن تثري التطوير بلغتها وسلوكها الاجتماعي والفكري الجديد.
مثل الاستقرار السياسي فهو ليس وليد القوة العسكرية والأمنية، وإنما هو وليد تدابير سياسية واقتصادية وثقافية، في النظام السياسي المتبع في الدولة يحدد مدى الاستقرار السياسي في هذه الدولة من عدمه. من هذا الوصف نستنتج أن الاستقرار السياسي لا يمكن تحقيقه بالقبضة الأمنية والقمع وتجاهل تطلعات الشعوب المشروعة،
فهناك دول لا تمتلك بنية عسكرية وأمنية كبيرة إلا أن استقرارها صلب ومتين، وهي قادرة على حفظ أمتها العام ومواجهة أي أزمة، في عوامل تحقيق الاستقرار الحقيقي تتلخص في العلاقة بين الحاكم وشعبه. إذا كانت هذه العلاقة قائمة على تعاقد اجتماعي يضمن التداول السلمي على السلطة ويضمن الحقوق والحريات،
في استقرار الدولة يكون صلب
وقائم على أسس متينة. أما إذا كانت هذه العلاقة قائمة على الظلم والطغيان، في استقرار الدولة يكون هشا ومعرضا للعطب في أي لحظة.
إن بعض الدول العربية التي تعيش استقرارا هشا ونسبيا، تستثمر حالة الفوضى التي تعيشها دول عربية أخرى كسوريا وليبيا والعراق… لكي تعطي شرعية التراجعات التي تعرفها على مستوى الحقوق والحريات ولا تعطيل الإصلاحات التي وعدت بها المواطنين،
وتستخدم قبضتها الأمنية لإسكات الأصوات “المزعجة” بذريعة المحافظة على الأمن والاستقرار. لكنها لا تعرف جيدا أن الفوضى وحالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشها بعض الدول التي طالبت شعوبها بالتغيير، هي نتاج ظلم وسلطوية الأنظمة المستبدة تجاه مواطنيها، فهي من قتلت أحلامهم وأخرست أصواتهم، فلولا هذا التسلط ما كان لهاته الشعوب أن تنهض وتنتفض ضد حكامها.