بقلم : تامر إدريس
في الثامن من مارس 2020م أبهج الجميع بقرار وزارة التعليم بتعليق الدراسة مؤقتاً في مدارس ومؤسسات التعليم العام والأهلي والجامعي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الحكومية والأهلية، بجميع مناطق ومحافظات المملكة اعتباراً من يوم (الاثنين) 8/3/ 2020وحتى إشعار آخر، ويأتي ذلك وفقًا للإجراءات الوقائية والاحترازية الموصى بها من قبل الجهات الصحية المختصة في المملكة العربية السعودية، وفي إطار جهودها الحثيثة للسيطرة على فيروس «كورونا» الجديد(COVID19) ومنع دخوله وانتشاره، وانطلاقًا من الحرص على صحة الطلاب والطالبات والهيئة التعليمية والإدارية في التعليم العام والجامعي وضمان سلامتهم.
ولكن من منطلق أن التعليم كالماء والهواء لا يستغني عنه الإنسان، وأن التعليم لا يتوقف حتى في زمن الحروب، وضرورة استمرار العملية التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات فلقد وجَّه وزير التعليم بــ : “ضرورة تفعيل المدارس الافتراضية والتعليم عن بُعد خلال فترة تعليق الدراسة، بما يضمن استمرار العملية التعليمية بفاعلية وجودة”.
وهي بلا أدنى شك فترة من أشد الفترات صعوبة؛ مليئة بتحديات جمَّة، وإجراءات غاية في الحزم والشدة، ولكنها ساهمت بمكوناتها الثرِّية في تعزيز المكتسبات العلمية وتنمية المهارات لدى الطلاب والطالبات.
ولكن لنكون أكثر إنصافا عند حديثنا عن تلك التجربة الفارقة في حياتنا جميعا سواء أكنَّا معلمين أم طلابا أم أولياء أمور أو حتى أفراد ا في المجتمع ؛ فإنه لزاما علينا براءة للذمة ورعاية لحق الكلمة فلقد أجرينا تحقيقا منوَّعا به شيء من الشمولية كما نأمل منه ونورده مرتبا بإذن الله تعالى في ثلاثة محاور ألا وهي : 1- ( مقابلة شخصية مع مسؤول بإحدى المدارس العالمية، وثانية مع مسؤول للدعم الفني بإحدى المدارس، وثالثة مع مجموعة من المعلمين من مختلف التخصصات). 2- ( استطلاع رأي أجري على مجموعة من الطلاب، وأولياء الأمور لقياس مدى الاستفادة والتفاعل مع أدوات التعليم الإلكتروني).
3- ( تجربة ذاتية لمعلم في تعامله مع إحدى المنصات التعليمية الافتراضية من البداية وحتى الآن ).
دعونا ننتقل بداية إلى حوارنا المثمر مع شخصية غاية في الرقي وذات عطاء وافر في الميدان التربوي ؛ نحدثكم عن لقائنا مع أ/ حاتم التركي وهو أحد المسؤولين التربويين بمدارس الفردوس العالمية ؛ والآتي بيانه تباعا :
– أستاذي الفاضل سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته.
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
– شرفنا بلقائكم كثيرا وإنه ليسعدنا أن نتجاذب وإياكم أطراف الحديث في موضوع غاية في الأهمية ؛ ألا وهو : ” التعليم الإلكتروني” ، فما قولكم ؟!
– أنا الأسعد بهذا التشريف ، وأرجو أن أكون ضيفا خفيفا على قلوب الجميع .
– بارك الله فيكم أستاذي ؛ ولكن ما تعليقكم على تحول الدراسة من النمط الفعلي إلى الافتراضي ؟
– هي ضرورة اقتضتها المصلحة العامة لأبنائنا وبناتنا ولسلامة المكون الرئيس للعملية التعليمية من الهيئات التدريسية والإدارية في ظل هذه الظروف الاستثانئية التي نعيشها اليوم ، ولا شك أن الانفراجة قريبة بإذن الله.
– أستاذي الفاضل ؛ بصفتك مسؤولا بإحدى المؤسسات التعليمية المتميزة في وطننا الحبيب ؛ فهل بإمكانك أن تعطينا ملمحا خاصا عن تقييمكم الشخصي لتلك التجربة داخل أروقة المؤسسة؟
– بالطبع ؛ فمنذ اليوم الأول ونحن في سعي حثيث نحو الإتقان والمهارة والسرعة في التعامل مع مكونات وأدوات التعليم الإلكتروني؛ لنعمل بحرفية أكثر؛ فنقدم خدمة متميزة لكل من الطلاب وأولياء الأمور، وبما يراعي أسس العملية التعليمية ويحقق أهداف الوزارة ويثمِّن رسالتها السامية .
– وهل واجهتكم أية معوقات أو مصاعب في مسيركم الحافل هذا ؟
– بلا أدنى شك ؛ فلكل تجربة إيجابياتها وسلبياتها، ولكن هنا يكمن دور التعزيز الإيجابي في تدعيم الإيجابيات ، والملاحظ أنَّه مع التدريب والتحفيز والابتكار تتلاشى السلبيات شيئا فشيئا؛ كلنا نخدم ذات الهدف ، وجميعنا ينشد نفس الأمل.
– شرفت بالحوار معك أستاذي ؛ ولكن هل لك أن توجه نصيحة أخيرة لأفراد مجتمعنا الحبيب ؟
– بكل سرور ؛ إنِّي أدعو الجميع إلى التسك بالحيطة والحذر في التعامل مع هذه التقنية ، والاستفادة القصوى من كل مكوناتها حتى لا نحيد عن المسار القويم ويتحقق لنا الهدف المنشود.
كان هذا نص المقابلة التي أجريت مع أحد المسؤولين التربويين بمدارس الفردوس العالمية ، والتي انتقلنا بعدها إلى لقاء جمعنا وبعض المعلمين والتقنيين في المؤسسة المذكورة ، والتي دار حديثنا فيها عن الإجراءات التعليمية التي ينتهجها المعلمون مع طلابهم لضمان الوصول إلى نسبة التحصيل المثلى لدى الطلاب، ولقد توصلنا من خلال هذا الفريق المتعاون ذي الروح والهمة العاليتين إلى التعرف على أهم المعوقات، والمشكلات الفنية، والتقنية، والسلوكية التي واجهتهم خلال هذه الفترة، وكيف تعاملوا معها بحنكة وروية !.
فما بين حماية الخصوصية، وتحجيم لسلوكيات بعض الطلاب غير المرغوبة، وتوفير للمتطلبات المادية والتقنية والتدريب على استخدام الأجهزة الحديثة، وتوفير للمحتوى التعليمي الرقمي الأساسي وتنويع للأنشطة الإثرائية في مختلف المواد الدراسية، ومراعاة للفروق الفردية والظروف الاستثنائية التي تعصف بالعالم من حولنا. بعد كل ما تبيَّن نستطيع بفضل الله ومنته أن نقول بأن مسيرة التعليم الإلكتروني في بلادنا تتجه نحو الأفضل والأجود بمشيئة الله سبحانه.الإجراءات بسيطة والتعليمات يسيرة ، وإنَّه مع الالتزام بالضوابط ورسوخ الاستفادة من التوجيهات والنصائح ستكتمل الفائدة عند الجميع بإذن الله.
ومن خلال استطلاع للرأي قد أجري على عينة عشوائية وبدون ترتيب مسبق تمثَّل في استبيانات وُزِّعَت على عدد من أولياء الأمور وأخرى على مجموعة من الطلاب والطالبات من مستخدمي المنصات التعليمية الافتراضية خرجنا بما يثلج الصدور من شيوع للتناغم والتعاون، وتحقق من حصول الاستفادة البالغة من مقومات هذه التجربة الجديدة في هذا الحقل الهام، ولكن كانت هناك بعض الآمال لدى بعض أفراد العينة تمثلت في رغبة بعضهم في توفر المزيد من الواجبات الإلكترونية؛ وبخاصة التفاعلية منها، وزيادة مدة الاختبارات ، والتنوع في طرائق العرض للمحتويات التعليمية لإمكان تعويض الفاقد أو سد الناقص لدى الطلاب والطالبات بما يقارب نمط الدراسة الفعلية أو الحضورية .
في نهاية هذا التحقيق أرجو أن أكون قد رسمت صورة ولو شبه كاملة عن هذه التجربة الفريدة في ظل هذه الظروف والأجواء العصبية التي ألمَّت بالبلاد وأرهقت كواهل العباد، هذا جهد المقلِّ أضعه بين أيديكم ، والله أسأل للجميع التوفيق والسداد.