التكنولوجيا بين المخاوف والفرص للأطفال والمراهقين
صباحك تكنولوجيا:.:
بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
عَزِيزِي القَارِئ إذا أعطيت هَاتفًا ذَكِيًّا أو جهازًا لِوَحْيً لطِفل صغير، فمِن اَلْمُحْتَمَل أن يكتشف كَيفية فَتحه وإجراء بَعض العَمليات داخل أي تطبيق أو لِعبة في غُضُون ثوانٍ. فالازدهار التٌكنولوجي يَعني أن الأطفال أصبحوا خُبَرَاء في الكٌمبيوتر في سِن مبكرة جِدًّا، والعديد مِنْهُمْ يستخدمون أجهزة الكٌمبيوتر والأجهزة اللوحية في المنزل قَبل بَدْء الدراسة بِفترة طَويلة، حَيث يُمْكِن لهم الوصول إلى الشاشات، لأن العَديد من المنازل من حَولهم تَحتوي على العديد من أجهزة التلفزيون وأجهزة الكٌمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف التي يُمْكِن لهم اَلْعُثُور عليها واللعب بها، وهذا نتيجة لما أحدثته التقنيات الرقمية من تغييرات عميقة في مرحلة الطفولة والمراهقة.
حَيث أصبح الإنترنت ووسائل الوصول إليه، مِثل الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، إلى جانب منصات الوسائط الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين في جَميع أنحاء العالم. لقد غيروا تعلِيمهم وتعَلمهم، والطريقة التي يصنعون بها الصداقات وَيُحَافِظُونَ عليها، وكيف يَقْضُونَ أوقات فراغهم، وَمُشَارَكَتهمْ مع اَلْمُجْتَمَع الأوسع. ومع ذلك، ومع كُلّ هذا الانغماس اَلْمُسْتَمِرّ في اَلتِّكْنُولُوجْيَا، هُنَاكَ بعض المخاوف الحَقيقية حول كيفية تأثير هَذه التقنية على تنمية اَلطُّفُولَة فنحن نتجول في منطقة مَجْهُولَة لأن الأجيال الماضية لم يَكُنْ لديها هذا اَلنَّوْع مِن الانغماس التٌكنولوجي اَلْمُسْتَمِرّ. لكن اَلْخُبَرَاء بدءوا في رؤية ما يُمْكِن أن تفعله اَلتِّكْنُولُوجْيَا في هذا اَلْمُسْتَوَى للأطفال والمراهقين وَمُسْتَقْبَلهمْ من سلبيات وإيجابيات.
وتتمثل بعض الآثار السلبية لِلتِّكْنُولُوجْيَا على الأطفال الصغار وَالْمُرَاهِقِينَ إلى: زيادة المخاطر وانعدام الخصوصية حيث ينشأ المراهقون والأطفال في عالم تكنولوجي، وفكرة اَلْخُصُوصِيَّة غريبة عليهم نوعًا ما. ويُعد الأمن السيبراني والذي يتمثل فى حماية الأنظمة والشبكات والبرامج والموقع الجغرافي من الهجمات الرقمية، عنصرًا كبيرًا من عناصر اَلتِّكْنُولُوجْيَا اليوم، ولكنه ليس دائمًا مِثَالِيًّا.
وَهُنَاكَ أيضاً خَطر الإصابة بالاكتئاب فَالْمُرَاهِقُونَ والأطفال الذين يقضون مزيد من الوقت في استخدام وسائل التكنولوجيا بشكل كبير جداً بدون تنظيم الوقت بين الأنشطة المختلفة هُمْ أكثر عُرْضَة للإبلاغ عن مُشْكِلَات الصحة العقلية حيث يُعْتَبَر الاكتئاب مُشْكِلَة رئيسية مُرْتَبِطَة باستخدام المزيد من التكنولوجيا بطريقة خاظئة غير منظمة.
ويعد انخفاض فَترة الانتباه من سلبيات استخدام التكنولوجيا بشكل غير صحيح فسرعة التفاعلات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة تجعل انتظار الأطفال أكثر صُعُوبَة فمع اَلتِّكْنُولُوجْيَا ليسوا مُجْبَرِينَ على الانتظار حيث يُمْكِنهُمْ الحصول على البرامج التكنولوجية التي يبحثون عنها على الفور، ولا يشعروا بالملل لأن لديهم دائمًا ما يُسَلِّيهِمْ. حيث تتحرك اَلتِّكْنُولُوجْيَا بسرعة، وَتُؤَثِّر الاستجابات الفَورية والإشباع الفَوري على مَدى الانتباه للأطفال الصغار وَالْمُرَاهِقِينَ على حدٍّ سواء.
ومن السلبيات أيضاً خطر البدانة، فالأطفال والمراهقين الذين يقضون وقتًا أطول في الداخل على هواتفهم أو أجهزتهم اللوحية لا يقضون وقتًا طويلاً في الجري واللعب في الخارج. إنهم يؤسسون عادات استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا التي لا تنطوي على مُمَارَسَة الرياضة. هذا يُمْكِن أن يُؤَدِّي إلى زيادة معدلات السمنة لدى الأطفال والمراهقين.
ومن السلبيات أيضا التَنمٌر فمع ازدهار اَلتِّكْنُولُوجْيَا، يَزدهر التَنمٌر حيث يستخدم الأطفال وَالْمُرَاهِقُونَ اَلتِّكْنُولُوجْيَا ووسائل التواصل الاجتماعي للتَنمٌر على الأطفال الآخرين، دون الحَاجة إلى مُوَاجَهَتهمْ. غالبًا ما يُطْلَق عَليه التَنمٌر عَبر الإنترنت، وأيضاً قضايا التفاعل الاجتماعي فمع قضاء المزيد من الوقت في اَلتِّكْنُولُوجْيَا، يُوَاجِه الأطفال الصغار مُشْكِلَات في التفاعلات الاجتماعية وجهًا لوجه، فالكثير يُفَضِّلُونَ الرسائل النصية أو التحدث على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من التحدث مع بعضهم البعض وجهًا لوجه، حتى عندما يقضي الأطفال وقتًا معًا، فقد يقضون وقتًا أطول في إرسال الرسائل النصية أو على هواتفهم أكثر من كونهم معًا في الواقع.
ولعلك تتساءل عزيزي القارئ ما الذي يُمْكِن لأولياء الأمور وَالْمُعَلِّمِينَ والمهتمين بالعملية التعليمية عمله لتسخير اَلتِّكْنُولُوجْيَا بطرق مفيدة، دون السماح للأطفال والمراهقين بأن يُصْبِحُوا عبيدًا لها والآثار السلبية التي يُمْكِن أن تُحْدِثهَا على حياتهم، حيث إن هُنَاكَ العَديد من الآثار الإيجابية أيضًا. مِنها مُسَاعَدَة الأطفال وَالْمُرَاهِقِينَ على التعلم. فَهُنَاكَ العَديد مِن العناصر التعليمية لِلتِّكْنُولُوجْيَا التي يُمْكِن أن تُسَاعِدهُمْ على التعلم. من البرامج التلفزيونية إلى التطبيقات والبرامج على الهَاتف الذكي أو الجِهاز اللوحي هُنَاكَ العَديد من الأشياء التي يُمْكِن أن يَتَعَرَّضُوا لها والتي يُمْكِن أن تُسَاعِدهُمْ في تطوير عُقُولهمْ وتعليمهم أشياء جديدة، فهناك سهولة الوصول إلى المعلومات.
ويجب أيضاً التحضير للوظائف التقنية في اَلْمُسْتَقْبَل، مع استمرار نُمُوّ وازدهار اَلتِّكْنُولُوجْيَا، سيكون هُنَاكَ المزيد من الطلب على المهنيين اَلْمُسْتَعِدِّينَ لتولي وظائف في مجال اَلتِّكْنُولُوجْيَا، عندما يبدأ المختصين بنشر وتعليم ثقافة استخدام الأطفال حيال اَلتِّكْنُولُوجْيَا والإمكانيات التي تَوفْرِهَا لهم مُنْذُ صِغرهم، يكونون أكثر استعدادًا لِمُسْتَقْبَلِهِمْ والإمكانيات التي يُوَفِّرهَا، حيث يُمْكِن للأطفال البدء في اكتساب المهارات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة مُبَكِّرًا التي سيحتاجونها في اَلْمُسْتَقْبَل.
ويساعد استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا أيضاً على تَحسِين التطور البصري المكاني، حيث يُمْكِن تحسينه بشكل كبير عند استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا مثل ألعاب الفيديو الهادفة لِلْمُسَاعَدَةِ في تدريب الأطفال الصغار والمراهقين. يُمْكِن أن تَكُون مُمَارَسَة المهارات المرئية المكانية مع ألعاب الفيديو الهادفة طريقة رائعة لتحسين القُدرات. هُنَاكَ حاجة إلى المهارات المكانية المرئية في مجموعة مُتَنَوِّعَة من الأشياء، مثل قراءة الخرائط والألغاز وغيرها.
ومن الإيجابيات أيضاً تعدد المهام حيث أظهرت الدراسات أن استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا يُسَاعِد الأطفال الصغار والمراهقين على تعلم كيفية القيام بمهام مُتَعَدِّدَة بِشكل أكثر فَعالية. في حِين أن تَعَدُّد المهام لا يسمح أبدًا بالتركيز بشكل كامل على منطقة واحدة، حيث يُمْكِن للطلاب تعلم كيفية الاستماع والكتابة لتدوين الملاحظات، أو غيرها من الأنشطة مُتَعَدِّدَة المهام التي يُمْكِن أن تُسَاعِدهُمْ على النجاح في مُسْتَقْبَلهمْ.
ومن أهم إيجابيات استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا تَحسين حَل اَلْمُشْكِلَات واتخاذ القرار. فغالبًا ما تَعرض اَلتِّكْنُولُوجْيَا للأطفال اَلْمُشْكِلَات، وَتُسَاعِدهُمْ على تعلم كيفية اتخاذ القرارات وحل تلك اَلْمُشْكِلَات حيث يُمْكِن أن تُسَاعِد الألعاب الهادفة والتطبيقات على الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية في مَنح الأطفال والمراهقين اَلْمُمَارَسَة التي يحتاجونها لتحقيق النجاح في اَلْمُسْتَقْبَل.
وأخيرا عندما يَكُون هناك تخطيط جيد ومناهج جيدة ومعلم ماهر ووسائل تِكْنُولُوجِيَّة حديثة للتدريب على هذة المناهج وثقافة أعلامية لإستخدام التكنولوجيا، بالتأكيد سيستخدم الطلاب اَلتِّكْنُولُوجْيَا بطريقة صحيحة، وسوف يمكنهم جني ثمار ضخمة. ولكن لا بد من تنظيم التدريب على استخدام التكنولوجيا وتعليم الطفل مُنْذُ الصغر كيفية استخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا بطريقة صحيحة وجعلها من المناهج الأساسية للتعليم والتي تُعْطَى التدرج اَلْمُنَاسِب لتعلم التكنولوجيا واستخدامها بشكل سليم.. وللحديث بقية،،