الشهر الكريم يأذن بالرحيل
بقلم/ ياسمين قطب
عجباً لهذا الزمان ، وسرعة أيامه وساعاته ، فها هو شهر رمضان قد آذن بالرحيل ولم يبقَ منه إلا القليل ،فاتقوا اللَّه واغتنموا مابقى منه تقرباً إلى اللَّه ،واحذروا من التفريط ؛فستندمون على تفريطكم ،وبادروا فرص هذا الشهر الكريم قبل فواتها ، فتداركوا ما بقىٰ منها بصالح الأعمال .
ومن هذه الفرص العشر الأواخر أفضل الليالي فجدوا واجتهدوا واستيقظوا ولا ترقدوا ،فمن تذكرَ حلاوة الثواب هان عليه مَرُّ المُجاهدة . فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ، ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت”كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دَخَلَ العشر ُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ،وَ أَحَيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ”.
وفي هذه العشر ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر فهي خيرٌ من ألف شهر ، وهي في الوتر أرجىٰ ما تكون كليلة إحدىٰ وعشرين ،وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين وهو أشهرها دليلاً ، وقيل لا يبعُد أن تكون ليلة القدر بين أوتار العشرة ، وليست في ليلة منها ولا تخرج عنها ، وإذا كان الأمر كذلك فإن العبد المسدَّد لا يقصر نشاطه على الاوتار من العشر بل يجتهد العشر كلها مقتدياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى يقول ” إنا أنزلناه في ليلة القدر.وما أدراك ما ليلة القدر .ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر. تنزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام ٌ هي حتى مطلع الفجر “
إنها ليلة ذات قدر فعظمتها لَعِظم ماأُنزل فيها، ولِمَا ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة ،ولِمَا يقع فيها من تنزُل الملائكة من كل سماء بإذن ربهم فلا يجيدون مؤمناً إلا صلوا وسلموا وأمَّنوا على دعائه سلامٌ هي حتى مطلع الفجر فهي قدرٌ وما أدراك ما ليلة القدر .
قال النخعي: “العمل فيها خير من العمل في ألف شهر”.
فمنَّ الله علينا بليلة العبادة فيها تُعادل عبادة ثلاثون وثمانين عاماً وأربعة أشهر.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه “
فيا من فرط أول الشهر إياك أن تفوتك هذه النفحات فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن هذا الشهر قد حضركُم ففيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر من حُرِمَهَا فقد حُرِمَ الخَير كُلَّهُ ولا يُحْرَمُ خَيرها إلاَ مَحْرُم”
فاياك أن تكون محروما ً فأكثر من الصلاة والذكر وقراءة القرآن وأكثر من الدعاء ، وبالأخص “اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا “
فهذه هي أيامنا قد حلت فلو قمنا بالأسحار على أقدام الإنكسار وأكثرنا من التضرع والإستغفار لكان الجواب من الله الغفار “أشهدكم أني قد غفرت لكم “.
فنحن بحاجة إلى انتهاز الفرص للترقي وبناء النفس ومن أهم وسائل بناء النفس :الخلوة، والإنقطاع عن الناس ، فكثرة الخلطة تضعف القلب ، فما أحوجنا أن نعطي النفس حقها كم تحتاج النفس لفك أسرها من شواغلها وكدحها، كم تحتاج النفس لترتاح وتتأمل ، فيصير الإنسان أُنسه بالله بديلا ً من أُنسه بالخلق فَيُعِدُّهُ بذلك لأُنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له .
فكن من الفائزين ولا تكن من الخاسرين الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم “خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له “