الطهارة الروحية.
بقلم : الكاتبة سرى العبيدي طالبة دكتوراة
متابعة د.عبدالله مباشر رومانيا
إن النفس المفعمة بالسعادة هي تلك النفس المشرقة بنور الحب والتي تنثره ورودا و تنشد الطهارة الروحية قلبا و قالبا ، فكرا و سلوكا ، رغبة و إيمانا .
فما بين الصلا ة و الحب قاسم مشترك دونه الطهارة ، فتمتلئ الحياة بدفء الحنان والفرح المنبعث من تلك النفس المشرقة المنيرة لطريق العشق الأزلي ، ليملأ الكون جمالا وبهجة فتنطوي جميع الخلائق و الكائنات دون استثناء في جرم القلوب المطمئنه ، و الارواح الطاهرة فيتجلى الوداد و الود نعمة على الأنام ، و يتجلى الإقبال و القبول من كل الخلائق ، و يسمو الوصال و التواصل ، و يحل الإطمئنان على أحوال الأحبة رحمة و نعمة دونما النعم .
قد نقصِّر في حق بعضنا البعض ، وقد تلهينا المشاغل عن بعضنا البعض ، ولكن يبقى نبض القلب لا ينسى الحبيب ، و لا هو عن الخاطر يغيب ، بل يزداد الاشتياق إلى الشوق و يزداد الوله و العشق ، فتتمازج العوالم في منظومة الحب و بوثقة الحياة .
إن الحب كالصلاة يحتاجان النية و الغسل الباطني ، فلا ينبغي إهمال تفاصيل الغسل الباطني الصغيرة منها و الكبيرة ، فلا صلاة بدون وضوء و لا حب بدون طهارة ، فكما الوضوء يبتدئ بالنية و حسن القصد ، فطهارة الباطن تبتدئ بحسن القاصد للمقصود .
إن الحب ترياق و طاقة ، و على أساسه بنيت الحياة ، فلولا الحب لما كانت هذه الحياة و لا استمرت ، لهذا أنا أرحّب بحب كل الحب و اعمل بكل حب و انتعش بكل حب و انام على الحب و استيقظ بكل حب ، بل و ازور كل حبيب في الوقت الذي تتباهى فيه طاقة الحب ، و أكُون عفوياً في البوح عن هذا الحب ، كما أكون إيجابياً في تفاصيله ،لأنها هي التفاصيل التي تُصلح يومي بأكمله ، و تبني جدارا واقيا من كل سلبية .
انا اكتب عنوان قلبي على رسائل الحب ، فهناك رسائل قد لا تكتب بمداد الحبر بل أكتبها بدماء قلبي فأراها في العيون تتراقص و تنتشي ،و الحظها خلف بسمات الثغور تنمو و تتعاظم ، ألامسها في نبرات الصوت الهادئة ، و ثنايا الفؤاد ، فتزيد من عشقي عشقا و من شوقي شوقا و من ولهي هياما و تيما و حبا .
هناك كلمات أكتبها بأيادي الارواح الحانية ال فتشعرني بالامان الروحي ، هي أياد بل ارواح طيبة تطبطب على روحي لروحي ، و تضمد جراح أيامي وتمنحني مزاجا موردا وثقة عالية بنفسي و ذاتي وبسمات ترتسم على ثغرات وجهي و ثنايا مهجتي بعدما تتجلى في داخلي ، فتغذي قلبي حبا و شوقا و غراما .
فانا أحرص أن تكون رسائلي شيقة مشوقة مفعمة بالحب و الغرام ، مؤثرة في النفوس تصنع الحياة بل هي كل الحياة ، في هذه الحياة أسير في قوافل الحنين التي تسافر بي في هوادج العشق الى المعشوق ، فتخمد نار الوله العصيب ، و في موكب المشاعر المتأججة بلهيب الوصال ، فقد كان قلبي الجميل ينير مع نورا ، و ينشد تراتيل الهيام السرمدي لمن اشتاق لاسمه و اغرم برسمه ، فالحب هو موطني و قلبي موطن الحب في بدني .
أنا سلطانة الجمال في القلوب و انا حاكمة امبراطورية الغرام في النفوس ، و انا رفيقة محبي الشوق والفلاح إلى مقام الوله النوراني ،
فحبي محراث الغراس لغارسي الورد وممتهني الهوى ، لك يا قلبي كل العشق الماكث في ملكوت التيام ، فرغم على طول السفر فانا ذاك طائر الرخ الخرافي الذي يبعث حياة الحب في القلوب من قلبي المشع بكل الحب ، فترفرف تلك الأفئدة كلها في سموات العوالم اللا متناهية متوجهة نحو قصر قلبي .
هو ذلكم قلبي و هي تلكم روحي المشرقة و المفعمة بالحرية و الاستقلالية الذاتية ، كموشحات الوصال التي عشقناها من حلقات المديح و السماع و حلق الدراويش التي تعشقها نبضات القلوب .
نعم تلكم هي روحي التي تنسج من العناق و الاحتضان حريرا قرمزيا ، يستلقي عليه القلب المكلوم ، المتعب من شوق طال انتظاره ، فيهرول ليحضنه طويلا في حضن الجلال و الجمال ،
إن اجمل مافي حبي طهارته الروحية و شفافيته الأزلية التي تفتل في حبل الهيام بصمت ، تتبعه تقبيل الجبين ، فجثو على الركب و دعاء ببحة صوت يلامس الصبب ، فيولد الشوق عبيرا يسري في كل المهج ، و قد تلامس يد المحبوب قلب المحب فتعرج به في لحظات السعادة الى جنة الخلد .
نعم تلكم هي نفسي في جلسة عشق على ساحل قلوب المحبين ، تطرد أهات الأنين ،و تطلق عنان البوح في رشفة حب تسقي الروح لذة الغرام من فنجان الهيام السرمدي ، ذلكم هو حظي الجميل الذي طبع قبلات الرضى من جوف حلق الدراويش ، كي لا يجرح نفسا ثواقة للمعارج ، فلا يليق بي و لا بها أن نذوق وجع الفراق ، بل تحتاج تلك النفس لضمة قلب طاهر مكتمل الاغتسال الباطني دون أي فراق .
نعم تلكم ارواح العاشقين للوصال العلوي ، فياليت العاشقين ينامون قريري العيون على طهارة الشوق في قلوبهم ، و يا ليثهم يرسلون رسائلهم عبر قبلات القلوب الروحية فيتمنى غيرهم طهارة ارواحهم و اناقة عقولهم .
الكاتبة
سرى العبيدي