العصفور الذي ينطبق عليه المثل “يوضع سره في أضعف خلقه”
كتب: عماد برجل
يروى عن أحد الصيادين أنه أثناء تجوله في إحدى غابات أمريكا الجنوبية، و أثناء جلوسه على جذع شجرة لكي يستريح لاحظ صراخ عصفورة صغيرة، وواضح أنها كانت تواجه موقفاً عصيباً.
إقترب من مصدر الصوت في أعلى الشجرة المجاورة، فتبين له سر انزعاجها.. فقد كانت هناك حية كبيرة تزحف لأعلى الشجرة وعيناها موجهتان ناحية العش حيث يرقد أفراخ العصفورة الأم… وبينما كانت الأم تصرخ جزعاً وخوفاً على أطفالها، رأيت العصفور الأب يطير بعيداً، ويجول في الهواء وكأنه يبحث عن شيء ما.. وبعد لحظات عاد وهو يحمل في منقاره غصناً صغيراً مُغطى بالورق.. ثم اقترب من العش حيث كانت العصفورة تحتضن صغارها.. فوضع الغصن الصغير فوقهم، وغطاهم بأوراقه العريضة.. ثم وقف فوق غصن قريب يراقب الموقف.. وينتظر وصول العدو!
إعتقد الصياد أن هذا العصفور ساذج لأنه يحسب أن الحية الماكرة سوف تُخدع بهذه الحيلة البسيطة.
ومرت لحظات من التوتر قبل أن تصل الحية إلى الموقع.. والتفت حول غصن قريب.. وعندما اقتربت من العش رفعت رأسها الكبير استعداداً لاقتحامه.. كان واضحاً أن كل شيء قد انتهى تماماً.. غير أن ما حدث بعد ذلك كان مثيراً جداً.. ففي اللحظة التي همت الحية باقتحام العش.. توقفت واستدارت.. ثم تحولت فجأة وأسرعت مبتعدة عن العش وكأنها أصيبت برصاص بندقية!.. وهبطت الحية عائدة إلى حيث أتت.. وقد بدى اضطرابها واضحاً!
ولم يفهم الصياد ما حدث.. لكنه رأى العصفور الأب يعود إلى العش لترتفع زقزقة العائلة السعيدة فرحاً بالنجاة.. ويزيح الغصن من فوق الأفراخ فيسقطه إلى الأرض..
إلتقط الصياد الغصن واحتفظ به حتى إلتقى بأحد خبراء الحياة البيولوجية في الأحراش اللاتينية.. فقال له أن هذه الأوراق تحتوي على مادة شديدة السمية قاتلة للحيات.. حتى أنها تخاف رؤيتها.. وترتعب من رائحتها.. وتهرب من ملامستها!
وتعجب من تلك القوانين المنضبطة التي تحكم الحياة بدقائقها المثيرة.. فتساند الضعيف.. وتتصدى للقوي.. وتمنح العصفور الصغير علماً ومعرفة وحكمة وشجاعة وحباً وأبوة كهذه!
لقد وضع الله تخطيطاً محكماً لجميع مفردات الحياة.. صغيرها وكبيرها؛ سبحانك ربي ما اعظمك.