الفن السليم في الجسم السليم
طارق ناجح يكتب :
التمثيل بصفة عامة يحتاج إلى مجهود بدني و عضلي كبير جداً إلى جانب المجهود العقلي و الذهني ، و لكن التمثيل المسرحي يحتاج إلى أضعاف هذا المجهود مع عرض يمتد إلى أكثر من ثلاثة ساعات يومياً . بعيداً عن روعة المحتوى و إبداع فناني الزمن الجميل ، فكلما شاهدت تُحْفَة من كنوز المسرح المصري في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين ( القرن الماضي) إنبهرت ليس برشاقة العبارات فقط و لكن أيضاً برشاقة أبطال العمل فؤاد المهندس ،
أمين الهينيدي، محمد عوض، عادل خيري ، عادل إمام ، عبدالسلام محمد ، و غيرهم . ما هذه الرشاقة ! إنهم يرقصون باليه ! إنهم يلعبون جمباز إيقاعي ! إنهم يتمتعون بلياقة بدنية و مرونة أبطال رياضيين . لقد شاهدت الليلة جزء من مسرحية (الفرافير) لواحد من أعظم كُتاب مِصر ، الدكتور يوسف إدريس ، و إخراج الفنان الكبير كرم مطاوع ، و بطولة عبدالسلام محمد و توفيق الدقن . نعم ، عبدالسلام محمد (بتاع إعلان البلهارسيا في ثمانينات القرن الماضي) . لقد أبهرني أدائه الرائع و تقمصه لشخصية فرفور فأعطاها من روحه لنراها تقفز هنا و هناك ، و تقوم بأعمال بهلوانية ( ولا السقا في زمانه ) . و ما أدهشني أكثر هو لماذا فنان بهذه الموهبة ، و هذه الطاقة و الحيوية لم يحتل مكانه في الصفوف الأولى بين نجوم المسرح و أكتفى بأدوار ثانوية لا تناسب موهبته الكبيرة .
رحم الله نجومنا الكبار الراحلين الذين كانوا على قدر المسئولية فقدموا لنا أعمال راقية ليس بها أي إبتذال بل مبنية على أفكار و قيم عظيمة تجعلنا نبحث عنها بكل لهفة و عندما نعثر على إحدي هذه الأعمال كأننا وجدنا كنزاً عظيماً من كنوز بديع خيري و نجيب الريحاني ، الفريد فرج ، فايز حلاوة ، يوسف إدريس ، نجيب محفوظ ، يوسف السباعي ، محمود السعدني ، سعد الدين وهبه ، و غيرهم من عظماء كتابنا الذين أثروا حياتنا الثقافية .