الكتابة هي الرديف الأول للبؤس.
سفيان حكوم آعلامي وكاتب من المغرب
لو تأملنا كيف عاش كل كتاب العالم ، لوجدناهم بؤساء أو أقرب الى البؤس ، يحكى ان ” تولستوى ” مات في قطار للفقراء ، وأن الفيلسوف ” راسل ” كان يكتب يوميا ليعيش ، وان ” بول بولز ” صرح لتلميذه ” رودريغو راي روسا ” أنه كان في حاجة الى المال ، اما ” جبرا ابراهيم جبرا ” فيحكي في ” معايشة النمرة ” انه ذهب الى احد الفنادق فتعرف عليه صاحبه فرحب به وخصص له مكانا بالمجان ، لكن جبرا ابراهيم رفض العرض واصر على الأداء ، ولما عرف ثمن النزول في الفندق صعق وأدرك لابد من المساومة ، كما ان الكاتب ” محمد مسناوي ” عانى كثيرا لنشر أعماله الكاملة ، فيما عجز ” محمد خير الدين ” في اواخر حياته عن تأدية مصاريف علاج السرطان الذي سببه طبيب اهوج .
صحيح ان من الكتاب من أغنى بكتاباته ، مثل ” عائض القرني ” و ” عمر خالد ” ، لكن هذه الفئة محصورة في الدعاة ، الذين يروجون لكتبهم عبر وسائل الاعلام ذات المرجعية الدينية ، فضلا عما يحصلون عليه لقاء حضورهم اليومي في الشاشة ، وفي المغرب وحده ” محمد شكري ” من عاش من كتبه ، لأن ترجمة ” الخبز الحافي ” الى لغات عديدة درت عليه ما يكفيه ليعيش ، رغم أن ناشرين كثر نصبوا عليه مثل ” بيتر أوين ” الذي لم يحصل منه سوى على تسبيق مع وعد وهمي لإكمال الباقي لن يفي به .
هكذا أصبحت الكتابة مشحونة بالآمال المغلفة بالخيبة ، وبطموحات دسمة بتوابل الحسرة ، قليل من القراء وكثير من السهر والقلق ووفرة من الفقر .