«فضلت أن أموت وسط جنودي، على أن أموت بأيدي الانجليز
اليوزياشى مصطفى رفعت – بطل ملحمة الإسماعيلية
دمياط – فريده الموجى
هل سمعت عزيزى القارىء او حتى قرأت عن صاحب هذا العنوان وهذه الصورة ؟؟؟ انه بطل من ابطال مصر الابرار الذين ضربوا مثالا رائعا فى الشجاعة
لقد وردت قصة هذا البطل في جريدة الاهرام فى عددها الصادر صباح يوم السبت ٢٦ يناير ١٩٥٢، في صفحتها الاولى مقالا هذا نصه :
شجاعة ضابط مصري
أن ضابطًا مصريًا شابًا من الذين تدربوا في سكوتلاند يارد ظل يرفض أن يسلم نفسه حتى عندما صوبت إحدى الدبابات من طراز ستنوربون مدفعها إلى مدخل مقر قيادته، من مسافة ٣٠ ياردة.
اسمه بالكامل اليوزياشى مصطفى رفعت إبراهيم رفعت، عاد من بعثته الدراسية في إنجلترا سنة ١٩٥١، وتم تعيينه مدرسًا بكلية البوليس، لكنه قرر أن يتركها ويتطوع لتدريب المقاومة في القناة، مع زميليه صلاح دسوقي (صار لاحقًا محافظًا للقاهرة) وصلاح ذو الفقار. الذي صار فتى الشاشة الأول لاحقًا
انتقل ثلاثتهم إلى الإسماعيلية، وقاموا بتنظيم الجنود والمقاومة الشعبية، التى انضم لها جميع الفئات والأطياف .حيث كان رجال الشرطة يساعدون الفدائيين ويتسترون عليهم، ويشتركون معهم في أي معركة وفي عملياتهم ضد معسكرات قوات الاحتلال. للدرجة التي جعلت البريطانيين يطلقون عليهم اسم Black locust أي الجراد الأسود.
وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، فعملوا علي تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الانفراد بالمدنيين وتجريدهم من أي غطاء أمني .
حاصر الانجليز أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني مبني محافظة الإسماعيلية والثكنات والذي كان يدافع عنهما 850 جنديا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت حتى سقط منهم خمسون شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم. امام رفض قوى قوات الشرطة المصرية للاستسلام .
لم تصدر أي أوامر من القاهرة. ولم يتصل الضابط الشاب بأي قيادات أمنية في القاهرة، ولم يستطلع أو يطلب رأيها. بل قام بإصدار الأوامر، ويدير المعركة. ويجري المفاوضات مع واكسهام، الضابط الإنجليزي الذي نفذ الهجوم وحاصر، بعشرين دبابة وعشرات المدرعات وآلاف الجنود، مبنى المحافظة أو قسم البوليس والمستوصف.
واما م استشهاد عدد كبير من الجنود وتلقى اليوزباشي البطل اتصالًا هاتفيا من فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، بسأله عن قراره، فأجابه انه وجنوده (العساكر) قرروا ألا يستسلموا «سنقاوم لآخر طلقة، ولن يتسلموا إلا جثثًا هامدة».
ولم تمضِ دقائق على خروج الضابط الشاب، إلا وسقطت دانة دبابة، نسفت الحجرة وفيها عامل التليفون .
ومع استمرار المعركة، نفدت الذخيرة، فقام الأهالي بإمداد قوات الشرطة بما لديهم منها، إلى أن نفدت الذخيرة داخل المدينة كلها.
فكان قرار الاستسلام بالشروط التى وضعها اليوزباشي رفعت وهى :
أن يخرجوا من مبنى المحافظة في طابور طويل بالخطوة المعتادة، وألا
يرفعوا أيديهم مثل الأسري.
وأن يتم التعامل معهم بـ«كلمة شرف»
-وألا يتم نزع العلم المصري من أعلى مبنى المحافظة.
ونظرأ لشجاعة هؤلاء الابطال قام قائدا القوات البريطانية، اكسهام وماتيوس، بالانحناء لهمم وخلعا قبعتيهما احترامًا قبل أن يتم اقتيادهم إلى معتقل في صحراء الإسماعيلية.
وبعد اعتقال دام خمسة أشهر، تم عزل اليوزباشي مصطفى رفعت من الشرطة. ولم يعد إلا بعد الثورة، ثورة يوليو، حيث قام الرئيس جمال عبدالناصر بتكريمه ومنحه وسام الجمهورية، وواصل عمله حتى وصل إلى رتبة لواء ومساعد أول لوزير الداخلية
انتقل بطلنا الى جوار ريه في ١٣ يوليو ٢٠١٢ واستلهم الكاتب أسامة أنور عكاشة قصة قيادته للعمل الفدائي فى القناة قبل ثورة 1952 فى مسلسله «ليالى الحلمية».