خيانة زوجية..
لا شك أن الخيانة بشكل عام تعتبر من الأمور المحرمة التي نهى عنها الإسلام، قال تعالى:” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ”، فقد أضاف الله – سبحانه وتعالى- في هذه الآية الخيانة إلى الكفر،
وجعل الخائن كفورًا، أي شديد الكفر، فإذا وقعت الخيانة التي تكون بين الزوجين، أي من الزوج لزوجته أو من الزوجة لزوجها، وقد تم بينهما إجراء عقد الزواج الشرعي الذي وصفه الله بأنه ميثاق غليظ، فإن الخيانة تكون أعظم إثما وأشد حرمة.
وتعد الخيانة الزوجية من المشاكل التى يتعرض لها العديد من الأزواج ذكورًا وإناثًا في العصر الحديث والعصور الماضية، وهي تعني اصطلاحا، أن يقيم احد الزوجين رجل أو امرأة، أو کلاهما علاقة محرمة مع شخص آخر غير زوجه، يخفيها عن زوجه، ولا تكون تلك العلاقة مما اباحه الشرع من التعاملات بين الجنسين،
إن الزنا حرام شرعا، وإقامة الزوج علاقة مع امرأة أخرى حرام شرعا، والآيات، والأحاديث في تحريم الزنى كثيرة،
ولقد نهى الله عز وجل أيضاً عن كل ما يقرب الإنسان من هذه الأفعال كالنظر والحديث والمواعدة أو الملاطفة بين الطرفين أو ما يشبه ذلك: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” (الإسراء:32)، فعلى كلا من الزوج أو الزوجة أن يجاهد هواه في ذات الله تعالى، ففي الحديث ” المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، والمجاهد من جاهد هواه “، وعليهم بالإكثار من العبادات التي من شأنها أن تصنع بين الإنسان وبين المعصية بابا مغلقا، وذلك إذا تعذر الزواج.
أما إن تزوج الرجل بأخرى بطريقة شرعية فذلك لا يعتبر من الخيانة الزوجية، فقد أباحت الشريعة الإسلامية تعدد الزوجات وجعلته مشروعًا، ولكن المطلوب في هذه الحالة من الزوج أن يعدل بين زوجاته، وأن يؤدي حقوقهم وأن يكون بينهما عادلًا حكيمًا، فجدير بالذكر أنه إذا فعل أحد الزوجين أمرًا مباحًا يخالف ما يحبه زوجه الآخر ولا يرضيه، فإن ذلك لا يعتبر خيانة.
لقد أباح الشرع تعدد الزوجات بشرط القدرة المادية والقدرة على العدل بين الزوجات لا أن يخون الرجل زوجته، والرجل في شريعة الإسلام له أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، بأن يكون له في وقت واحد هذا العدد من الزوجات، ولا يجوز له الزيادة على الأربع.
ويعد تعدد الزوجات شيء شرعه الله للرجل، حيث أن السماح للزوج بالتعدد يساعد على حماية الشخص من الرذيلة، فهو يحقق الامن من الجرائم الأخلاقية، واستعاضة الرجل عن الفسق والبغاء.
مما لاشك فيه أن الدين الاسلامي أباح التعدد لكن بشروط، الا أنه أيضا جاء بالحد من تعدد الزوجات، ولم يأت بالدعوة أصالة إلى تعدد الزوجات، فعن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: “اختر منهن أربعاً” (أخرجه أحمد في مسنده)،
من هذا الحديث يظهر لنا أن الإسلام نص على الحد من كثرة عدد الزوجات، وفى المقابل لم يرد أمر لمن تزوج واحدة بأن يتزوج أخرى، وذلك لأن تعدد الزوجات ليس مقصوداً لذاته، وإنما يكون تزوج الرجل مرة أخرى لأسباب ومصالح عامة.
فلم يرد تعدد الزوجات في القرآن الكريم بمعزل عن أسبابه، قال الله عز وجل: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا” (النساء: 3)، حيث السبب الرئيسي الذي أُنزلت لأجله، وهو وجود اليتامى والأرامل.
ومن يتأمل القرآن الكريم لا يجد دعوة مفتوحة صريحة للتعدد دون تلك القيود التي أشرنا إليها، ومن ذهب إلى السنة فسيجد أن الإسلام نهى عن التعدد بأكثر من أربع نساء، وشتان بين أن يكون الإسلام أمر بالتعدد حتى أربع نساء، وأن يكون نهى عن الجمع بين أكثر من أربع نساء.
فالإسلام يحث على الاقتصار على الواحدة أسلم، ولكن مع ذلك إذا كان الإنسان يرى من نفسه أن الواحدة لا تكفيه ولا تعفه، فإن عليه بأن يتزوج ولكن بالشروط التي وضعها الإسلام، لا أن يلجأ للخيانة، وحتى يحصل له الطمأنينة، وغض البصر، وراحة النفس.
فاطمة عبد العزيز محمد