سعيد الشربينى
على ما يبدو، فإن هناك ارتباطا وثيقا بين أنظمة الحكم السائدة حول العالم، ودرجة رخاء الشعوب المحكومة، والذي ينعكس جليًا على الناتج الإجمالي المحلي والمجتمعى .
فيقول : عباس محمود العقاد فى كتابه( الحكم المطلق فى القرن العشرين) ..
– كانت الديمقراطية في بداية القرن العشرين نظامًا سياسيًّا وليدًا انطلق ينزع القداسة المزعومة من الحُكَّام المُطلقين الدكتاتوريين، ويعطي الشعوب الحق في حكم نفسها. ويقول العقاد إن المبالغة في الحماسة للديمقراطية الوليدة جعلت البعض يخيب أمله فيها عندما لم تُحقِّق حلولًا سريعة للبلدان التي فيها،
ومن ثَمَّ تغلبت عليها قوى الرجعية التي كانت تطمَح للعودة وإرجاع الأنظمة القديمة؛ لذلك انطلقت تلك القوى تنتقد فكرة الديمقراطية ذاتها، وتُروِّج لفشلها. ولكن العقاد
يؤكد أن الديمقراطية لم تفشل، بل إنها فقط لها عيوب ناتجة عن عيوب الطبيعة الإنسانية ذاتها، كما يقدم نماذجَ لبعض الدول الأوروبية التي تمسَّكت بالدكتاتورية، ونبذت الديمقراطية «آنذاك»، ويبين أسباب وخصوصية وضع تلك الدول سياسيًّا واجتماعيًّا؛ ليختتم في النهاية كتابه فيطالبنا بالتريُّث في الحكم على الديمقراطية الوليدة كنظام سياسي جديد. –
فقد ذهب الكاتب ألى أن المبالغة والحماسة للديمقراطية الوليدة والتى أكد على أن عيوب الديمقراطية الوحيدة تتمثل ففى عيوب الطبيعة الانسانية والتى تختلف من شعب ألى آخر وهذا ما قد يجعل بعض الدول أن تتقدم سياسيآ وأجتماعيآ وتتسيد العالم من حولها بسبب الطبيعة الانسانية لشعبها .
فهناك من الشعوب وفق طبيعتها قد تخلفت ورفضت ركوب سفينة الثقافة . والثقافة هنا لا اختزلها فى التعليم بل التعلم بمعنى أن بعض الشعوب هى التى تقوم بتثقيف نفسها سياسيآ واجتماعيآ وبالتالى أصبحت تمتلك ارادتها فى التعبير عن نفسها وبشكل حضارى قد يزهل العالم من حولها .
ولو فى أحلك الظروف فهى تعبر عت آرائها وتطالب بحريتها وكرامتها وحقوقها المشروعة بشكل واعى ومدرك بعيدآ عن الحماسة والاندفاع الاعمى الذى يؤدى فى نهاية الآمر الى عدم الوصول الى حلول سريعة لمشكلاتها الداخلية والخارجية .
فقد تعلمت هذه الشعوب من خلال تثقيف أنفسها أن تدرك ماذا تقول وماذا تتمنى وماذا تريد الوصول اليه دون أن تصتدم بسياسات بعيدة عن مستوى ثقافتها فيجعلها فى نظر الآنظمة الحاكمة غير واعية ولم تبلغ الحلم بعد.
ولدينا دليل ليس ببعيد كى نتعلم كيف يكون لنا الحق بالمطالبة والقضاء على مفاسد هذا السلوك وهذه العصابات والشللية ما دمنا نحبوا حول ديمقراطية وليدة سياسيآ واجتماعيآ
فما عاب مراحل التصويت على مجلسى 2020 من وقائع تزوير وسيطرة المال السياسى على المشهد برمته والذى فرض القيد العنيد على بعث الارادة الشعبية من مرقدها بعدما ظلت تقبع تحت سطوته لسنوات عديدة
قد جعل الكثيرين منا يفتقدون اليات وادوات وثقافات التغير وأخذ البعض منهم يتبع الحماسة والمبالغة والاندفاع الآعمى دون أن يسعى ألى خلق مساحة لنفسه للتثقيف والفهم والوعى كى يتعلب على الطبيعة الانسانية التى مادامت تفشل عرس الديمقراطية .
وهناك من البعض ممن لديهم القليل من الوعى التثقيفى أخذ منبرآ آخر ربما يكون بداية الطريق للتصويب وليس آخره
وهناك ممن يتخذون من الاعتراض الدائم طريقآ ولو لم يعى . وآخرون اتخذوا من الممكن نصرآ ومكاسب جنبآ الى جنب سعيآ للوصول الى دائرة التثقيف والوعى ببواطن الامور
فاذا ما اردنا الديمقراطية الحقيقية والمسؤلة والواعية علينا أن نبدأ بتثقيف أنفسنا اولآ وندرك ماذا نقول وماذا نريد وكيف سيتحقق
………………………………………
(حمى الله مصر شعبآ وجيشآ وقيادة من كل مكروه وسوء )
17 / 11 / 2020