رمضان شهر أبواب البر
أ . د / مفيدة إبراهيم علي
شهر رمضان فرصة سانحة لنفع الناس وعمل الخير لهم، ففيه للمسلم باب إنساني يكون بالتصدق، والبذل، والإنفاق، والإحسان كإفطار صائم، وإغاثة ملهوف، وإعانة محتاج، وهذه من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم أن يقوم بها خلال هذا الشهر المبارك والتي تعود بالخير والنفع عليه وعلى مجتمعه ووطنه وأمته ولا ريب أن الإحسان خلق رفيع له تأثير عجيب وسريع في النفس، لأن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وطبعت على التأثر بمن أسدى إليها معروفًا، وصنع لها جميلًا، وقدم لها خيرًا؛ لذا فإن من أجل الطاعات ومن أعظم أبوب البر لا سيما في شهر رمضان أن تتضافر جهود الخيرين من أبناء المجتمع في تقديم يد العون للفقراء والمساكين، ومد يد المساعدة للمعوزين والمحتاجين، وبيان ما له من أجر عظيم وثواب جزيل عند الله تعالى، وما له أيضًا من فوائد جليلة على المجتمع من حيث تعميق أواصر الترابط، وبث روح التعاون بين المسلمين، وتربية النفس على الشعور بالآخرين والإحساس بأحوالهم، كل ذلك لجمع ما بمكن جمعه من أصحاب الفضل، ومن أهل الخير من الصدقات بكل أنواعها، والقيام بإيصالها إلى مستحقيها للتخفيف عنهم ومواساتهم والوقوف بجانبهم؛ فترتسم في وجوههم البسمة، وتبدو على محياهم السعادة، فيحدث التراحم والتلاحم، ويتحقق الإخاء الإسلامي، وبتجسد الرباط الإيماني، عندئذ يكون أبناء المجتمع كالجسد الواحد.
أن الله سبحانه تعالى أودع في أيام شهر رمضان ولياليه من القربات والطاعات ما لم يودع في غيره من الشهور، من صيام للفريضة وقيام لليل وقراءة للقرآن الكريم والتصدق والتقرب إلى الله بخصال الخير وأعمال البر، وغير ذلك من أنواع الطاعات وألوان العبادات، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وضاعف الثواب والأجر على أدائها تامة غير منقوصة، لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (من تقرب فيه «أي في شهر رمضان» بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه)، ورفع الله تعالي الحرج عن أصحاب الأعذار تيسيرا عليهم ورعاية لحالهم فقال تعالى: “فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون”.
وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام وإطعام الطعام والبعد عن اللغو والرفث، وحين يتوازن المسلم في عبوديته لربه تكون هذه الخصال وتلك الأعمال دأبه في السنة كلها، وهذا يدل على ما جمعه الله لنا في شهر رمضان المبارك من الخير، وما علينا إلا أن نغتنم أوقاته وأيامه ولياليه في كل أنواع العبادات وألوان الطاعات، لنفوز بالرضوان من رب العامين.