رمضان شهر الرقي الروحي
أ . د / مفيدة إبراهيم على
عزّة النفس تعطي جمال لصاحبها وفخر ووقار لهُ بين الناس وتعطي مكانة في نفوس الآخرين وفي قلوبهم والعزة هي الوقار التي يتحلى بها الشخص والتي يحترمها كل من يشاهدهُ والتي ينشرح لها العظماء والكبار من الناس . قال تعالى : “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا “الإسراء -70 , فهذه الآية القرآنية تعطي للإنسان كل عظمته، وكل مكانته، وكل حجمه في الضمير الإسلامي . والصوم: رُقي للروح، وحصن للجسد، وتربية للأعضاء، وهو نصف الصبر، وتجديد للعهد مع الله سبحانه بالتوبة والاستغفار وكثرة الذكر والدعاء والتوحيد الخالص، وتدريب الأعضاء على العزة والكرامة، وإذا تأصّلت العزة الإيمانية في المسلمين اتحد صفهم، وقويت شكوتهم، وعلت همتهم؛ ليصبحوا قوة ضاربة في الأرض.و صفات من يتحلون بعزّة النفس هم أشخاص تعرفهم من سيماهم لأنّهم يستمدون هذه العزّة من خالقهم لأنّ الله هو القوي , والصوم يقوي من عزة المسلم وكرامته , فعزيز النفس يحفظ ماء وجههِ فلا تجد على وجههِ الذلة أو الخضوع , ولا يبذل عرضهُ بين الناس فهم لا يشربون من كؤوس شربت منها الصغار وهم الوضيعين , ممزوج بجسده ومطعّم بالكرامة ومرتاح الضمير, فعزّة النفس ترقى بروح المسلم ,وهي مرآة للنفس التي يحملها الشخص واحترامها لهُ . والعزّة عكسها الوضاعة وهي انحدار النفس في هُوَّة المهانة أو الوضيع الذي يقبل ويهان بأي شيء فهي صفة الضعفاء, والعزّة ليس لها علاقة بالكبر أو التكبّر فهي فقط احترام النفس عن المهانة والتي تكون ممزوجة بالتواضع ,
فالأعزّاء هم الأشخاص الذين لا يسمحون من كان فوقهم أن يستوطوا شخصيتهُ ولو مثقال ذرة أو أن يمسّوا كرامتهم , وإذا وجدوا من هم دونهم لا يتكبّرون عليهم ويحترمهم حتّى يرفع من قيمتهم ليصلوا الى ما وصل إليهِ ,فهم يطبّقون المثل الذي يقول احترم نفسك من دون أن تحتقر أحد , فهي صفة جميلة والتي يتحلّى بها أكثرهم أهل العلم فهم يعرفون أنّ الحياة لا قيمة لها دون العيش بكرامة فهي قصيرة جداً لأن يذل نفسهُ لصغار الأمور والى ما تشتهيهِ نفسهُ التي تأمرهُ بالسوء , فالعزّة والعلم كخليط جميل يخرج أجمل ما في الإنسان ففي العلم الوقار والعزّة , وكما يقولون : من يعش بلا مبدأ يموت بلا كرامة , فالعزّة هي بوابة المبادئ الموجودة في الحياة والتي تندرج تحتها كل المبادئ التي قد يعرفها الإنسان فهي العمود الوحيد للمبادئ . ومن عناية الإسلام بأدب العزة أنه بنى كثيرًا من أحكامه العملية على رعايتها, كما منع القادر على الكسب من بسط كفه للاستجداء؛ إذ كان في استجدائه إراقة لماء وجهه بين يدى من تكون يده هي العليا.
قال صلى الله عليه وسلم: ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير من أن يأتي رجلًا أعطاه الله من فضله، فيسأله أعطاه أو منعه).