رَمَضَانُ شَهْرُالقدرةعلى مواجهة الأزمات
======================
الحلقة الخامسة من سلسلة حلقات (الاالصيام فانه لى)
تقدمها لنا الاستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على
عميدة كلية الدراسات الاسلامية والعربية بالازهرالشريف
============
إن الأخلاق الحسنة لها أهميتها وأثرها على الفرد والمجتمع، فهي أولاً تقرب صاحبها من الله تعالى فيحبه الله، وهو بذلك محبوب عند الناس بكسب ودهم واحترامهم، وهي ضرورية للفرد؛ لأنها أساس بقاء الأمم وقاعدتها الأساسية، وأساس الحياة وأساس النجاح لكل أمة، فإذا فقدت الأخلاق تفكك المجتمع وزاد الصراع وتضاربت المصالح وسادت الأنانية بين أفراده، وهي عوامل انهيار أي مجتمع.
إن الالتزام بالأخلاق مطلوب في كل وقت وليس فقط في رمضان، وأن مانجده من سلوكيات خاطئة من بعض الصائمين لا يعكس حقيقة الصيام، فالبعض يصبح أكثر عصبية، ويفقد قدرته على التحمل، فيؤذي الآخرين بكلامه أو أفعاله، ولهؤلاء نقول ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
والأخلاق هي التي تزيد من تماسك المجتمع واستقراره وقوته وتجعل الأفراد حريصين على مجتمعهم، وتنظم العلاقات بين الأفراد وتضع حدوداً واضحة للمجتمع، وتعطي القيمة لصاحبها وتظهر المحبة والمودة بين أفراد المجتمع وتزيد من التعاون والتكافل ونشر روح التسامح بين الناس في المجتمع.
والخلق الحسن يعني أن تكون رفيقاً بالناس كباراً وصغاراً ولا تتكبر عليهم، مهما كانت درجتك العلمية او موقعك أو وظيفتك، فالتواضع يرفع صاحبه، وقيمة الإنسان ليس بما يملك من مال أو جاه، بل بما لديه من قيم وأخلاق ومحبة للناس، وقلبه يفيض رحمة ولا يعرف الحقد، متسامح ويتجاوز عن الزلات ويحسن للجميع عادلاً بين أسرته وأقاربه وزملائه ومجتمعه و أن هذا الخلق ليس نابعاً من مصلحة شخصية أو منفعة، بل هو جزء من العقيدة والتكوين وهو انعكاس لجوهر هذا الإنسان وقناعاته وتربيته.
أن الأخلاق تساعد على مواجهة التحديات والصعاب والأزمات، وهذا ما يلمسه الجميع في هذه الأزمة بسبب انتشار فايروس كورونا وكيف كانت قيم التكافل والتعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع. أن الصيام مفيد جدا في علاج الأزمات والاضطرابات النفسية التي تنتج من ضغوط الحياة اليومية حيث يضفي علي الإنسان جوا روحانيا يدخل علي نفسه الطمأنينة ويجعله في حالة من التصالح الداخلي مع نفسه, وفي هذا الشهر المبارك ينبغي علي الإنسان أن يكون علي قدر عال من التحكم في ذاته, وبالتالي فإنه يشحذ هممه ليسيطر بها علي جوارحه وحواسه كما أن تحمل الجوع والعطش يمكنه أيضا من السيطرة علي نزعاته النفسية والتي قد تظهر في صورة سلوكيات سيئة أو هواجس مرضية أو أفكار سوداوية.
وفي المقابل أدرك الجميع خطورة عدم الالتزام والاستهتار وضرره على الجميع، فالانضباط والالتزام بالتعليمات خلق حميد كان أثره إيجابياً على الجميع، كما أن خلق الصدق وعدم نشر الإشاعة وتحمل المسؤولية أخلاقيات مارسها المجتمع بغالبيته، وأنكر على القلة التي تجاوزت هذه الأخلاق. وكلما كان الالتزام بالأخلاق أكبر كانت الثقة والطمأنينة والارتياح من القريب والبعيد، فالزائر والضيف والمتعامل يشعر بالأمن ولا يخشى على نفسه أو ماله وهو يدرك أنه لن يُستغل.
ورمضان فرصة لكي يوطن الإنسان نفسه على مكارم الأخلاق، ويهذبها من الشوائب وأن لا يسيء لأحد بل أكثر من ذلك بأن يقابل السيئة بالحسنة والصفح.
أ . د / مفيدة إبراهيم علي