رَمَضَانُ شَهْرُ طمأنينة النفس
الأخلاق الفاضلة
أ . د / مفيدة إبراهيم علي
كثيرة ومنها الابتعاد عن فحش الكلام والسباب والشتائم والكلام البذيء، فالصائم لا يتحدث إلا بخير، وعينه لا تنظر إلى الحرام ولا تعتدي على محارم الآخرين، ويده لا تبطش بغيره ولا تمتد إلى الحرام.
والأمن نعمة عظيمة، بل يكاد يكون من أعظم النعم لأن مقتضاه الأمن النفسي والطمأنينة والسكينة التي يستشعرها الإنسان، فيزول عنه هاجس الخوف، ويحس بالرضا والسعادة. ويتجلى هذا الإحساس لدى الصائم والشعور بالأمن غاية في الأهمية، ومن ثم فقد جعله الله عز وجل نعمة جليلة. يتفضل بها على بعض خلقه، لقوله عليه الصلاة و السلام” من أصبح منكم آمنا فى سربه , معافى فى جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذفيرها “
و الأمان هو شعور داخلي يشعر به الإنسان في ظروف معينة، هذه الظروف ممكن يكون صنعها هو بنفسه وفي الوقت نفسه يحاول أن يتحداها ويتفوق عليها والضغط يضع الإنسان في ظروف مخيفة، و ظروف مادية أو معنوية مزرية، ومشاكل من كل شكل ولون، كلها تصب في الأخير في عدم وجود الأمان، وإذا كانت المطالب الإنسانية جسدية كانت أو عقلية أو نفسية أو اجتماعية تتفيأ الحاجة إلى الأمن وإلى العدالة فحري بالحاجات الوجدانية الأخرى أن تستظل بظلاله وتصب في مجراه لدى الإنسان . و الإحساس بالأمن والشعور بالاطمئنان من أكثر الحاجات النفسية إلحاحا على الإنسان في أطوار حياته الفكرية المختلفة ، فإذا كان الإنسان في حاجة إلى الأمن منذ طفولته إلا أنه في أمس الحاجة إليها عند يفاعته لإحساسه بالضعف وقلة الحيلة وهوان أمره ، فالشعور بالأمن شرط ضروري كحاجة جسمية وعقلية ونفسية واجتماعية ، وما رغبة المسلم في تعزيز شعوره بالعدالة إلا نتيجة حاجته إلى الإحساس بالأمن الذي ينشده , ويأتي شهر رمضان بنفحاته الروحانية ليضفي علينا هذا الإحساس حيث يشعر الإنسان بأن الله عز وجل يكافئه علي التقرب إليه بالصوم والصلاة وتلاوة القرآن وأنه يقف ورائه ويحميه وهذا الشعور هو مصدر الراحة النفسية فطالما أن الإنسان يشعر بأنه يحتمي بخالقه فلا شئ يخيفه مطلقا في أي من الأمور الدنيوية.
أن الصيام يعطي الإنسان ثقة في ذاته من خلال قدرته علي التحكم في إرادته, والذي ينعكس علي زيادة قدرته علي تحمل مصاعب الحياة وفي شهر رمضان يتخلص الإنسان أيضا من المخاوف المرضية التي قد تسيطر عليه, وعلي رأسها الخوف من الموت والرهبة عند مواجهة الناس
والأطباء يؤكدون أن صيام رمضان يضبط النفس، ويخلص الصائم من مشاكله النفسية المزعجة مثلما يخلصه من السموم في الجسم، ويصبح بعده أكثر هدوءًا وطمأنينة، ويرجع هذا لضبط الصيام لوظائف الجسم، من خلال الالتزام بمواعيد في تناول الطعام، وبالتبعية يطلق المخ العناصر الكيميائية المحفزة لطمأنينة النفس بصورة معتدلة ..
وهكذا الإحساس بالاستقرار النفسي أحد مميزات الصيام طبقًا لآراء الأطباء، لما يتمتع به من ممارسة شعائر روحانية كقراءة القرآن وصلاة القيام وغيرها من العبادات .