شاعر الجنوب أمل دنقل في ذكرى ميلاده
كتب: مراد غيث
أمل دنقل هو شاعر مصري قومي عربي، ولد في أسرة صعيدية في عام 1940 بقرية القلعة، مركز قفط بمحافظة قنا في صعيد مصر. وتوفي في 21 مايو عام 1983م عن عمر 43 سنة.
هو محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، كان والده عالماً من علماء الأزهر الشريف مما أثّر في شخصية أمل دنقل وقصائده بشكل واضح.
سُمّي أمل دنقل بهذا الاسم لأنه ولد بنفس السنة التي حصل فيها والده على إجازة عالمية فسمّاه باسم أمل تيمّنا بالنجاح الذي حققه (بينما اسم أمل شائع بالنسبة للبنات في مصر).
ورث أمل دنقل عن والده موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضاً كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر كثيراً في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الأديب.
فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيراً واكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره.
إنتقل دنقل للحياه في القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا، وفي القاهرة التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفاً في منظمة التضامن الأفروآسيوي، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر.
كمعظم أهل الصعيد، شعر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثّر هذا عليه كثيراً في أشعاره ويظهر هذا واضحاً في أشعاره الأولى .
مخالفاً لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة.
عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيّته وقد صُدِم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبّر عن صدمته في رائعته «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» ومجموعته «تعليق على ما حدث».
شاهد أمل دنقل بعينيه النصر و ضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام، ووقتها أطلق رائعته «لا تصالح» والتي عبّر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، كما نجد أيضاً تأثير أحداث يناير عام 1977م واضحاً في مجموعته «العهد الآتي».
كان موقف أمل دنقل من عملية السلام سبباً في اصطدامه في الكثير من المرّات بالسلطات المصرية وخاصة أن أشعاره كانت تُقال في المظاهرات على ألسن الآلاف.
عبّر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسها، ونجد هذا واضحاً في قصيدته «الجنوبي» في آخر مجموعة شعرية له «أوراق الغرفة 8»
أُصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته «أوراق الغرفة 8» وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنوات، وقد عبّرت قصيدته” السرير” عن آخر لحظات معاناته، وهناك أيضاً قصيدته «ضد من» التي تتناول هذا الجانب، والجدير بالذكر أن آخر قصيدة كتبها دنقل هي «الجنوبي».
لم يستطع المرض أن يوقف أمل دنقل عن الشعر حتى قال عنه أحمد عبد المعطي حجازي: «إنه صراع بين متكافئين، الموت والشعر».
رحل أمل دنقل عن دنيانا في يوم السبت الموافق 21 مايو عام 1983م لتنتهي معاناته مع المرض.