صباحك تكنولوجيا.
بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
العمل التعاوني ضرورة لنجاح مُجْتَمَع التعلم
في السنوات القليلة الماضية حلّ العمل التعاوني واسع النطاق محل التعاون التقليدي في غُرْفَة الاجتماعات وَالْمُؤْتَمَرَات وَغَيْرهَا من أماكن العمل التي تتطلب تعاوناً وثيقاً من الأطراف اَلْمُشَارَكَة من أجل نجاح اَلْمُهِمَّة اَلْمُسْتَهْدَفَة. واليوم يُعَدّ العمل التعاوني عُنْصُرًا أساسياً لازماً لِنجاح الكثير مِن الجِهات، مِثل الجهات التعليمية, وغَيرها الكثير من الكيانات التي تتطلب تعاون فِرق عمل تَضُمّ الآلاف من الأفراد، وقد ساعد التقدم الهائل لِتِكْنُولُوجْيَا الاتصالات الحديثة مع بدايات القرن الحادي والعشرين على توطيد علاقات وَطُرُق التعاون بين أعضاء فِرق العمل حيث صار من الممكن تكوين فَرِيق عَمل واحد من مِئات أو آلاف الأفراد وتكون الاستعانة بالإنترنت هي الطريقة الأولى للتواصل فيما بينهم. وتستطيع المؤسسات التعليمية الذكية التي تستعين بتقنيات تِكْنُولُوجِيَّة متطورة أن تستفيد من هذه اَلْقُدُرَات للتشجيع على الابتكار.
وقبل اَلْبَدْء في عَمل هذا اَلْمُجْتَمَع التعاوني لا بد أولاً من تنمية المعلم مهنياً، نظرًا لأن اَلْمُعَلِّم لا يُمْكِن أن يعيش مدى حياته، بمجموعة مُحَدَّدَة من المعارف والمهارات، ونظراً للتقدم المعرفي الهائل الذي يَتميز بِه العصر الحالي، فأصبح من الضروري أن يُحَافِظ اَلْمُعَلِّم على مُسْتَوَى مُتَجَدِّد من المعلومات والمهارات والاتجاهات الحديثة في طرائق التعليم وتقنياته، وبذلك يكون التعليم بالنسبة لِلْمُعَلِّمِ عملية نمو مُسْتَمِرَّة وَمُتَوَاصِلَة وخاصة إذا أردنا تفعيل المجتمع التعاوني المهني بشكل جيد، فقد أصبح الإنماء المهني أكثر ضرورة من أجل توفير الخدمة التربوية اللازمة للمعلم، والتي تتضمن تزويد المعلم بمواد التجدد في مجالات العملية التربوية وبالمستجدات في أساليب وتقنيات التعليم والتعلم، وتدريبه عليها وإجراء البحوث الإجرائية التعاونية، واستيعاب كل ما هو جديد في النمو المهني من تطورات تربوية وعلمية وبالتالي رفع أداء المعلمين وإنتاجيتهم من خلال تطوير كفايتهم التعليمية بجانبيها المعرفي والسلوكي.
وهناك بعض المعايير التي تختص بالتنمية المهنية والتي يُمْكِن من خلالها اَلْحُكْم على وجود مُجْتَمَع التعلم بِالْمُؤَسَّسَاتِ التعليمية، مِنها تعميق مفهوم مُجْتَمَع التعلم كآلية فعالة لتحقيق التنمية المهنية داخل المدرسة، تَرسيخ ثقافة التنمية المهنية داخل المدرسة، تحفيز الأنشطة والمجهودات الفردية والجماعية في التنمية المهنية داخل المدرسة، تطبيق أساليب التقويم الذاتي والاستفادة من نتائجه في تطوير الأداء المدرسي، تفعيل وحدة التدريب والتقويم في التنمية المهنية لجميع العاملين في المدرسة، إعطاء فريق العمل المدرسي فُرَصًا للارتقاء المهني من خلال آليات متنوعة، تحديد مُعَوِّقَات التنمية المهنية في المدرسة ثم وضع خطط للتغلب عليها.
وتعتمد التنمية المهنية على النمو الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي، وحماية البيئة، والنمو المهني. وذلك من أجل تدعيم الجودة للأجيال الحالية والقادمة، وإذا كان المعلم هو عصب الحياة العلمية، وهو القوة المحركة لها، فإن التنمية المهنية للمعلمين أصبحت ضرورة حتمية تفرضها طبيعة الحياة اَلْمُتَسَارِعَة نحو القرن الحادي والعشريين، إن مُشَارَكَة مُدِير المدرسة التي تتسم بالزمالة والتيسير ويتقاسم القيادة مع الآخرين مما يُتِيح تيسير عمل المعلمين وَمُشَارَكَتهمْ دون سيطرة المدير. وأيضاً القيم والرؤية المشتركة التي يتم تطويرها بناءً على التزام المعلمين نحو تعلم الطلاب ويتم صياغتها والرجوع إليها دائماً في عمل المعلمين. التعلم الجماعي والتطبيق الجماعي للتعلم (الإبداع الجماعي)، وتطبيق هذا التعلم لإيجاد حلول تركز على تعلم الطلاب وتخطى النواحي الإجرائية إلى استراتيجيات للتحسين أو التطوير.
عزيزى القارئ لعلك تتساءل لماذا فِرق التعلم؟ والإجابة هي أن الفرق التعاونية للمعلمين هي المٌفتاح لتحسين عملية تعلم التلاميذ. حيث يُمْكِن للمعلمين التعلم من بعضهم. ففرق العمل تقضي على ظاهرة الأبواب المغلقة. فالعمود الأول هو العمل التعاوني وإذا أرادت المدارس بِنَاء قُدُرَاتهَا للارتقاء بالتعلم فيجب عليها العَمل على بِناء ثقافة العمل التعاوني، وَهُنَا يكون هُنَاكَ هَدف مُشْتَرَك وهو تعلم التلاميذ، فتتحمل الفِرق المسئولية اَلْمُشْتَرَكَة من أجل تحقيقه، فمجموعات التعلم تتكون من مجموعة صغيرة من المهنيين الذين يتفقون على تجريب الأفكار الجديدة، يجتمعون معاً بشكل مُنْتَظِم لفترة زمنية مُحَدَّدَة، يَشتركون في خِبرة نمو مهنية محددة، توجههم أهداف وأغراض مشتركة، ومن مبادئ فرق العمل الناجحة، الثقة. التوقعات المشتركة من أجل قضايا تعلم التلاميذ. المهنية فليس من الضروري أن نكون أصدقاء ولكننا سنعمل معاً كزملاء من أجل قضية تعلم التلاميذ. الملكية اَلْمُشْتَرَكَة فليكن ما نُحَقِّقهُ من نتائج هو ملكنا جميعاً. الوعي بأنماط الشخصيات اَلْمُخْتَلِفَة والتعامل الصحيح.
ويتوقف نجاح مُجْتَمَع التعلم على القائد التعليمي ودورة في دعم مبادئ فرق العمل الناجحة، ومِنها دعم أنشطة التنمية المهنية، لتنمية قُدُرَات كُلّ مُعَلِّم باستمرار مع مُرَاعَاة أن يتم تطويرها كلما تطورت الاحتياجات هذا بالإضافة إلى التغَلب علي اَلْمُشْكِلَات النوعية في المدرسة تبعاً لخصوصيتها. نمط الإدارة، إذ تُصَمِّم الأنشطة لا مركزياً وفقاً لآراء ومقترحات اَلْمُعَلِّمِينَ. ومن حيث المضمون، تتضمن أنشطة النمو المهني مضامين مُتَمَاسِكَة وَمُتَعَدِّدَة الأبعاد تتكامل بين النظرية والممارسة، بحيث تُوَجَّه كُلّ منهما اَلْأُخْرَى. ومن حيث الإمكانات والتوقيت، تُخَطِّط أنشطة النمو المهني بانتظام واستمرارية، مع اعتمادها على خِبرات من داخل المدرسة، وتتم أنشطة النمو المهني باعتبارها جزءاً عضوياً من النظام المدرسي من خلال استراتيجيات مدرسين داعمة لها. وتستهدف أنشطة النمو المهني كافة العاملين داخل المدرسة من أجل تحقيق الممارسات والأداءات جميعها باعتبارها متكاملة مع بعضها البعض.
إن القائد التعليمي الناجح هو قائد مُلْتَزِم بالمنهج وَمُلْتَزِم أيضاً تُجَاه جعل نجاح فريق العمل من أهم أولويات مؤسسته التعليمية من خلال التنمية المهنية لتحقيق أهدافها والعمل بروح فريق متعاون، فمهنة التعليم مهنة دائمة التطور والنمو، لأن المعلم عُنْصُر فعال في عمله. ولذلك أصبح من الضروري إعادة النظر في فهم العملية التربوية وأهدافها اَلْمُتَجَدِّدَة نظرًا للتطورات الهائلة، والتغيرات السريعة، التي تطرأ على طرائق وأساليب التعليم والتعلم، ومن هُنَا تظهر أهمية التأهيل والتدريب التربوي الأكثر التصاقًا بالنمو المهني للمعلمين لتطوير كفاياتهم الأدائية التعليمية من خلال التعاون بينهم. وللحديث بقية، ،