غدر صديق..
فاطمة عبد العزيز
إن الصداقة مشتقة من “الصدق” وهو كما هو معلوم من أرفع الصفات الأخلاقية مدحاً في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلام الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
ولا يمكن لأي إنسانٍ أن يستغني عن الأصدقاء، لأنّ الله خلق الإنسان مفطوراً على العيش مع الجماعة ليأنس بها وتأنس به، وليأمن بها وتأمن به.
ولأن الوحدة والعزلة لا يعيشها إلا الإنسان المنحرف المزاج وغير السوي، أو من يعاني من خللٍ معين في شخصيته تجعله يبتعد عن الناس وينفر منهم، إلاّ أنّ هؤلاء هم مجرد استثناء في كلّ مجتمعٍ ولا يمكن أن نعيش حياة البشر على أساس هؤلاء.
إلاّ أن هذه الصداقة على أهميتها، لا بدّ أن نستند إلى قواعد متينة وركائز قوية حتى تتحقق الأغراض والأهداف الصحيحة منها، ولهذا عندما نرجع إلى أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) نجد أنهم وضعوا ورسموا لنا النموذج للصداقة.
ومن موعظة الإمام الحسن (عليه السلام) لأحد أصحابه قال: (اصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ صولك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت منك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتدأك، وإن نزلت به إحدى الملمّات ساءك).
والإنسان لا يمكن أن يأخذ أي شخصٍ كان صديقاً له، بل لابد من توافر مواصفات حميدة في هذا الصديق.
والصديق هو الذي تتوافر فيه صفات الصدق والأمانة والإخلاص وحفظ السر وصون الصديق وعدم فضح عيوبه ومساعدته عند الحاجة والدفاع عنه ضد من يريد له الشر.
فمن لم تكن فيه هذه الصفات فليس بصديق، بل هو مجرد منافق زاعم للصداقة ويريد الإنتفاع من الصداقة لنفسه أو لجماعته أو للوصول إلى أهدافٍ غير صحيحة وغير شريفة من وراء ادعائه للصداقة.
ولذا نجد من جهةٍ أخرى التحذير من مصاحبة أشخاص تجر صداقتهم إلى ما لا تحمد عقباه، وقد ورد فيهم، -( إحذر من الناس ثلاثة: الخائن والظلوم والنمّام، لأنّ من خان لك خانك، ومن ظلم لك سيظلمك، ومن نمّ إليك سينمّ عليك).
ولذا لا تصادق الكذّاب ولا شارب الخمر، ولا الذي يغتاب الناس أو يغشهم أو يسرقهم وما أشبه ذلك، لأن مصادقتهم تورث السمعة السيئة وهتك
حرمة المؤمن الملتزم.