- فيروس الانفصال الروحي بين الازواج
بقلم ماجي المصري
تشهد البشرية منذ عامين تحولات في أنماط الحياة وتحورات في فيروسات الامراض وظهور اوبئة جائحة يعجز العالم كله عن التصدي لها رغم وجود ملايين العلماء في عصر بلغ فيه العلم والطب تقدما فاق تصور البشر في كل العصور.
وفي هذه الأجواء القاسية تطفو على سطح حياتنا فيروسات اجتماعية أشد قسوة وضراوة واضرارا من كل الاوبئة والامراض ومنها تلك الظاهرة التي يمكن ان نطلق عليها ” فيروس الانفصال الروحي بين الأزواج الانفصال الداخلي بين الزوجين حالة من الأ زواج والا طلاق
والتي تنتشر بقوة هذه الايام وتبدو واضحة في حالة اللا طلاق او حسب التعبير الشعبي السائد هي حالة من حالات { اهي عيشة والسلام }
والتي وصلت للاسف الشديد إلي معدلات تجاوزت معدلات الطلاق الرسمي وفي كليهما ضرراً جسيما يدفع المجتمع ضريبته من رصيد اجياله المقبلة .
ومن هنا نستعيد سريعا تلك البدايات الجميلة التي تبدأ بها دائما مسيرة الحياة الزوجية بقصص حب رومانسية ووعود براقة بحياة سعيدة يشملها الحب والحنان والعطف والرحمة والمودة مع وعود أكثر باستمرار الحب الي اخر العمر وخاصة في مرحلة الخطوبة التي يعيشها اثنان تعاهدا على الاقتران معا في رحلة عمر.
وتشهد هذه الفترة حالة عشق يعيشها الطرفان هي قمة الرومانسية وتبادل العواطف الجياشة والخروج والفسح والهدايا واجتهاد العريس في تلبية طلبات العروس حتي وإن كانت في غير الإمكان
ويحاول كل طرف أن يظهر اجمل ما فيه أمام الطرف الآخر ربما عملا بمقولة { انا لا اكذب ولكني اتجمل }
وبالفعل يتجمل كل طرف بكل ما أوتي من قوة ليظهر اجمل ما عنده أمام الطرف الآخر ويزداد الاعجاب.
وهكذا يعيش الزوجان في نشوة الحب قبل ان تهبط عليهما قسوة الأيام أمام مسؤوليات فرضتها طبيعة الحياة
عندما يواجهان معا أنفسهما بداية الصدام مع واقع مختلف تماما عن كل ماسبقته من ايام او أعوام
ومع تزايد اعباء الحياة ومسئوليات الأسرة وخاصة عند وجود أطفال تبدأ الأقنعة في السقوط ويبدأ ظهور الوجه الحقيقي لكلا الطرفين دون تجمل أو مواره وتظهر عيوب كل طرف جلية في عيون الطرف إلاخر
وتبدأ الصدمة بواقع مرير لكلا الطرفين
ومع استمرار الرابطة الزوجية يصل الزوجان الي حالة الانفصال الروحي او الخفي او الداخلي سواء ان كان بشكل ظاهر أو حتى خفي ودون مظهر علني منهم المحافظة على الشكل العام للأسرة أمام الناس
هذه الاوضاع حالة غريبة تعيشها كثير من الأسر المصرية ليصبح فيروسا اجتماعيا أشد خطورة وانتشارا من فيروس كورونا المستجد
وبدراسة بسيطة لهذه الحالة وجد أن لها عدة أسباب علي سبيل المثال
حالة الفتور والملل والخرس الزوجي التي تصيب الزوجين
في ظل رتابة الحياة الزوجية وروتين الايام علي نمط واحد وكل يوم بشبه ما قبله وما بعده ومع عدم وجود أي شئ يغير من رتابة الايام يصاب الزوجان بالملل والخرس الزوجي وعدم رغبة اي طرف منهما في سماع حديث الطرف الآخر أو التعامل معه
حالة النفور وغالبا ما يكون سببها اتساع دائرة المعارف والأصدقاء علي مواقع التواصل الاجتماعي فكلا الطرفين له دائرة لا محدودة من أصدقاء مواقع التواصل الاجتماعي ويري متعة كبيرة في التواصل معهم ويري أنه أكثر استمتاعا بقضاء اوقات فراغه معهم ويري فيهم العوض عن حالة الملل الزوجي الذي يعيشها في منزل الزوجية
كما تزداد حالة النفور لدي الأشخاص الذين اعتادوا علي دخول المواقع الاباحية حيث تشير اصابع الاتهام إلي أن مرتادي المواقع الاباحية أكثر نفورا واشمزازا وهربا من العلاقة الزوجية والتي لا يشعر فيها باي نوع من أنواع المتعة بالعكس يشعر أنه أداء واجب وعقاب لابد منه لإرضاء الطرف الآخر واختلاق الحجج للبعد عن العلاقات الحميمة السوية بين الطرفين
ومن تلك الأسباب أيضا كثرة انتقاد الزوج لزوجته علي اتفه التصرفات واحراجها أمام الناس و عقد المقارنة داىما بينها وبين كل المحيطات بها وغالباً وابدا ما تكون مقارنة ظالمة و غير منصفة لها
فالزوج دقيق جدا في ملاحظاته علي الصديقات والجارات وزوجات الاصدقاء فغالبا ما بيدي الاعجاب بكل المحيطات به ولايري في زوجته ما يستحق إبداء الاعجاب به
وايضا من أسباب الانفصال الداخلي التدهور الاقتصادي للاسرة والضغوط المادية وخاصة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وقلة الأجور و التي تؤدي إلي كثرة المشاكل والخلافات الزوجية التي تؤدي غالبا الي فقدان الرغبة في مواصلة الحياة الزوجة ومنها الي الانفصال الروحي العاطفي والداخلي بين الطرفين
اما طرق الإصلاح فهي سهلة وفي الإمكان إذا وجدت الرغبة في تبديل الحال
فالمرأة كائن عاطفي رقيق المشاعر
ودائما ما يدق قلب المرأة من أذنيها
المرأة تحب أن تسمع كلمات الحب و الاعجاب والثناء عليها والاشادة بدورها في الأسرة المرأة تحب أن تسمع ما يرضي غرورها ويشعرها بؤنثتها وهنا تكون علي استعداد لأن تلعب كل الأدوار وتتحمل كل الاعباء
مجرد كلمات تسعد قلبها وتفرحها تجعلها تضحي بكل ما تستطيع وما لا تستطيع
وهناك ادوار مفقودة في حياة الأسر المصرية
اين دور رجال الدين لإصلاح ما أفسده الواقع المرير الذي نعيشه هذه الأيام
اين الاستشاريين النفسيين ومكاتب الوفاق الأسري من عدد لا نهائي من الأسر التي تعيش الانفصال الداخلي
اين دعم اسرتين الزوج والزوجة من إصلاح الوضع وعودة وضع الأسرة الي الطريق القويم
وبرغم أن الطلاق هو أبغض الحلال عند الله لكنه افضل بكثير من حالة الا زواج والا طلاق التي تعيشها الأسر وفي النهاية الضحية أبناء غير اسوياء