قصة قصيرة.. الثورة والحياة
كتب مجدي عبدالله
عندما رأيته قابعا في زاوية الغرفة غارقاً في الآلام فاقد لكل ما يجعله يعيش، بعد أن فشل في إيجاد فرصة عمل لأبنه الذي تخرج من الجامعة منذ سنوات، مكتئب كارهاً للحياة جاعلا المنزل شعلة نار كمدا عليه.
لم اتحمل أن أراه هكذا أنه أخي الأكبر، فجأة صرخت فيه، نحن أمام ثورة هائلة ما زلنا في بدايتها، انها تفوق جميع الثورات الصناعية التي مرّت بتاريخ الأرض.
يا أخي نحن على أعتاب حياة مختلفة لكنها تبدو أكثر جمالًا وحيوية وانطلاقًا بقيادة الإنسان، الفارس المغوار على صهوة جواد هذا الذي يسمى الذكاء الإصطناعي.
حدق في رافعاً راسه قائلا انت متفائل أكثر من اللازم، قلت له لا بل نحن علي أعتاب عصر ثائر مشرق رغم كل ما يحمل في جعبته من غلاء وركود وتحديات ومخاوف وتهديدات إلا أن في جوفه الكثير من الكنوز، والشجاع من يخوض التجربة بفضول وتحدّ وإصرار.
إن كل ما فيه يقول لك كن قويا، لا تكن تابعًا، لا تكن ضعيفًا، لا تكن جبانًا، فهذا ليس زمن التعساء البؤساء الخائفين المتباكين على الأحوال والظروف، لا بل سخّر لك أدوات المستقبل لأجلك، طوعها بين يديك، وكي يمكنك ذلك يجب أن تبقى سواعدك فتية وإرادتك من حديد، لا تجلس هكذا منزوياً في بيتك لا تفعل شئ سوى أن تراقب وترتعد وجلًا من الشبح القادم.
يا بني أنت من النبهاء أرجوك لا تصرخ وتبكي خوفًا من عدم حصولك على وظيفة في تخصصك تحقق لك النجاح في مستقبلك.. فهذا لن يُغير الحال !!
الحل أن تُشمّر عن ساعديك وتحفز مخك بالمعرفة والتدريب لتعرف أكثر، أن تتأقلم مع هذه الظروف، أن تترك الجمود لكسر الركود، أن تنتمي لفريق المؤثرين أن تكون على قناعة تامة أن الإنسان في الحقبة القادمة يجب أن يكون القائد ولا مكان للتابعين.
صرخ أخي في وجهي أنت لا تشعر بنا تمر الأعوام ولا نستطيع أن نجد له وظيفة، وها انا قد وصلت لسن التقاعد، نظر أبن أخي لي قائلا لا تثيرنا بحديثك كما كل مرة، تبسمت في وجه أخي فهو لي بمثابة الأب قائلا له بعيدًا عن مشاعري المتأججة وتهيؤاتي العجيبة، فانا أحمل لكم اليوم بشري جميلة سوف تحقق له مبتغاه، بل شعاع شمس قادم من المستقبل، هي فرصة له ارجو ان لا نضيعها ونستفيد منها.
صرخ أبن اخي لا اريد منك شئ ويكفيك ما فعلت وفعل أبي معك حتي أصبحت ما انت فيه، لقد كرهت الحياة بسببكم فلم يمنحني أبي ما منحك إياه.
نظر كل من بالغرفة إليه لكنه خرج مسرعاً ولا ندري إلي أين ؟ لم يسمعني، لم يسمع نداء وصرخة أبوه الذي رحل بعد ما سمع إلي مثواه.