كلام من الاخر
احمد محسن المطعني
ملف التعليم مفتوح دائما ، والحديث عن تطويره لا يتوقف ، واصلاح أحواله وتحديث مناهجه من أولويات الدولة وكل وزير للتربية والتعليم ، لكن الحقيقة أنه لا توجد رؤية واضحة ولا إستراتيجية محددة ، وأحيانا يتردد الحديث عن التطوير كأنه سيحدث خلال شهور ،لكن لا يحدث شيء ، ولا توضع خطة.
يقول الدكتور حسام احمد فرحات أستاذ تنمية التطوير للموارد البشرية بالجامعة الأمريكية أننا نعانى فى مصر من غياب المعايير فى منظومة التعليم ، ولدينا أكثر من نظام تعليمى ، ومنه التقليدى ثم اللغات، والمدارس الدولية بالإضافة إلى المدارس التجريبية الحكومية ، وهذه القطاعات الأربع كل منها يسلك منهاجا ومنهجا مغايرا عن الآخرين .
وهذا ما أدى لعدم وجود معيار موحد يطبق سواء على التعليم والمتعلمين فى مصر، وانعكس ذلك على جودة العملية التعليمية فى المدارس وعلى الأخص الحكومية منها التى تدنت فيها جودة التعليم لدرجة خلو الفصول الدراسية بالمدارس من الطلاب ، واعتمادهم على الدروس الخصوصية ،وتحمل ولي الأمر أعباء تعلم ابنه على نفقاته الخاصه، مما أدى لغياب دور المدارس الأصيل فى تربية الطلاب وتأهيلهم على كيفية التفاعل والتعامل داخل المجتمع ، وأصبح التعليم يقتصر على حشو الأدمغة بمقررات لمجرد اجتياز الامتحان فقط ، وتلاشى دور المدرسة فى التربية والتعليم ، فلم يعد هناك تعليم.
كما أن هناك عجز صارخ في المعلمين مما أدى إلى الضغط عليهم بتحمل العجز بزيده الحصص عليهم ولا نغفل عن الزيادة أعداد الطلاب بكثافه قد تصل في بعض المدارس إلى 80طالب وأكثر ، مما يعيق العملية التعليمية.
إن التربية والتعليم من المبادئ والمهام الأساسية التي اهتم بها الإسلام ودعا إليها، حيث يمكن بواسطتهما بناء بنيان راسخ وقوي للأمة. فالتربية هي تنمية سلوك الفرد وترقية نحو القيم العليا، وإنها لا تستقيم إلا بالتعليم والعكس صحيح. وقد أكد القرآن الكريم على أهميتهما وأشار في عدد من الآيات إلى ذلك.
التعليم هو عبارة عن نقل المعلومات والأفكار للأفراد بصورة منظمة، وواضحة، ومحدّدة الأهداف. واما التربية فهي عملية تهدف إلى مساعدة المتعلم على اكتساب أنماط السلوك الذي يجب عليه أن يسلكه في المواقف الحياتية المختلفة، وهي تساهم في تنمية الأفراد، وتعمل على تطوير مهاراتهم العلمية، والعملية. وقد يعتمدها المجتمع لتنشئة الأجيال الجديدة. فان التربية والتعليم هما الأساس في بناء الأمم، وتطور الحضارات، ورقيّ الأفراد. وإن التربية لا تستقيم الا بالتعليم والعكس صحيح.
ان الإهتمام بالتربية والتعليم من المبادئ العظيمة التي اهتم بها الإسلام ودعا إليها. وقد أكد القرآن الكريم على أهميتهما وأشار في عدد من الآيات إلى ذلك.ج فكانت أولى آيات القرآن المنزلة على الرسول خمس آيات من سورة العلق تتحدث حول قراءة العلم والتعليم. كما ان الله يقسم في سورة القلم بالقلم إلماعاً إلى مكانة القلم والكتابة في الإسلام: وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُون فان الدين الاسلامي هو دين العلم والتعلم للقضاء على الجهل الذي كان سائدا في العصر الجاهلي المتمثل بالتخلف والضلالة و الخرافة والأباطيل.
أنّ المعلم الأوّل للكون هو الله سبحانه، وكان النبي آدم هو التلميذ الأول، حيث علّمه الأسماء: وعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا وقد علّم النبي يوسف علم تفسير الأحلام: وَعَلَّمتَنِى مِن تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ وعلَّم النبي سليمان لغة الطير: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيرِ وعلَّم النبي داوود صنعة الدّروع وقال: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ وعلّم الخضر اشياء من عالم الغيب: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَّدُنّا عِلْماً وعلَّم الملائكة علماً جمّاً: سُبْحَانَكَ لَاعِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمتَنَا وعلَّم البشر النّطق والبيان: عَلَّمَهُ البَيَانَ وفوق كلّ ذلك فإنّه علَّمَ النبي محمد علوم ومعارف شتى، فقال: وَعَلَّمَكَ مَالَم تَكُنْ تَعْلَمُ والأنبياء هم معلّموا البشريّة، الذين أرسلهم الله لهداية الناس وإيصالِ رسالته لهم أجمعين. يقول القرآن الكريم في نبيّ الإسلام: ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ
وقد عظم القرآن الكريم العلماء لأنهم ورثة الأنبياء والمسئولون عن نشر العلم بين أفراد المجتمع. وهنالك العديد من الآيات القرآنية التي نزلت وأشادت وفضلهم ومنزلتهم ومقامهم الرفيع. فقال تعالى فيهم: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتِ
وقد ارتفع الإسلام بمنازل المعلمين إذ تؤكد أحاديث كثيرة على مقام المعلم. وقد جاء في حديث عن رسول الله أنّه قال: «إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِها وَحتّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ يُصَلُّونَ عَلى مُعَلِّمِ النَّاس الْخَيْرَ.» وقال في حديث آخر: «ألا أُخْبِرُكُم بأجودِ الأجْوَدِ؟ اللَّه الأجْوَدُ الأجْوَدُ! وأنا أجْوَدُ وُلدِ آدم! وأجْوَدكُمَ مِنْ بعدي رَجُلٌ عَلَّمَ عِلْماً فَنَشَرَ عِلْمَهُ، يُبعَثُ يومَ القيامة أُمّة وَحْدَهُ.».
اين نحن الآن من كل هذا ……