كتبت / ربيعة جوامع
المفكر “مالك بن نبي” ( 1905 – 1973م) رمز من رموز الثقافة العربية والإسلامية المعاصرة وقطب من أقطابها، وهو من المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا بشدة إلى العناية بمشكلات الحضارة، ويمثل امتدادا لـ” ابن خلدون” من حيث الاهتمام بفكرة الحضارة.
يعد واحدا من أبرز من تناولوا تأخر الدول الإسلامية بالنقد البناء في القرن الماضي… القرن الذي شهد سجالا بعضه دامٍ بين ما يعرف بالتغريبيين والأصوليين. أسّس نظرية في الحضارة مكتملة الأركان، كتب فيها أزيد من ثلاثين مؤلفا، حتى لقبه البعض بـ”فقيه الحضارة”، و”منظر النهضة الإسلامية”.
يحتل مالك بن نبي من فلاسفة العالمين العربي والإسلامي المحدثين والمعاصرين مكانة متميزة لأنه كان أبرزهم اهتماما بفلسفة الحضارة والتاريخ المعاصرين ولا ينافسه في ذلك إلا محمد اقبال ، وتعدّى اهتمامه بهذا المجال الحيوي التركيز على الدرس النظري إلى التركيز على كيفية استخدام مقولاته ونظرياته في وضع نظرية جديدة تكون جديرة بصورة النهضة إلى العالم الإسلامي من جديد.
وقد نجح إلى حد كبير في وضع هذه النظرية العامة في تفسير الحضارات وجعل نقطة البداية فيها هي الروح الدينية إذ عدّ الفكرة الدينية هي الأساس في أي تغير حضاري ليس في الحضارة العربية الإسلامية وحدها, بل في كل الحضارات السابقة عليها واللاحقة لها. ومن ثم فقد بنى تحليلية لواقع العالم الإسلامي ودراسة طريق نهوضه من خلال هذه النظرية التي تستند على ثلاثة عناصر هي : الإنسان – التراب- الزمن. وكم كان أصيلاً أيضاً في تحليله للحضارات الإنسانية عموماً استناداً على هذه العناصر, وكم كان أصيلاً أيضاً في تحليلاته الجزئية لكل واحد من هذه العناصر ومحاولته من خلال هذه التحليلات خلق الدافعية لدى العرب والمسلمين للعودة إلى الريادة الحضارية من جديد.
أوصى مالك بن نبي بعض المقربين إليه من الطلبة الذين كانوا يتابعون حلقاته في بيته، خصوصاً الذين كانوا يعملون في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بتنظيم ملتقيات لتوعية الأجيال الصاعدة.
صدر العديد من الكتب عن حياته وفكره، خاصة من قبل المهتمين بالنهضة والإصلاح، من أهمها: (في صحبة مالك بن نبي) و(مقاربات حول فكر مالك بن نبي) لعمر كامل مسقاوي، تلميذه الذي ترجم بعض أعماله إلى العربية، والوصي على نشر كتبه.