ما لا تعرفه عن فلسفة سقراط
بقلم / احمد مدني
مهد سقراط الأفلاطوني من بعده الطريق للرواقيين والكلبيين
فالرواقيون يرون الخير الأسمى في الفضيلة، وأن الإنسان لا يفقد فضيلته لأسباب خارجية، وذلك يظهر جليا في قول سقراط للقضاة أنهم لا يستطيعون أن يلحقوا به ضررا. ويتفق أفلاطون وزينوفون على أن “سقراط” كانت لديه الفرصة للهرب، حيث كان بإمكان تابعيه أن يقدموا رشوة لحراس السجن. لكنه اختار البقاء لأنه كان يعتقد أن الهروب قد يشير إلى خوفه من الموت وهو الخوف الذي اعتقد بأنه لا وجود له لدى أي فيلسوف حقيقي. واحتقر الكلبيون أنعم هذه الحياة وبرهنوا على ازدرائهم لها باجتنابهم لأسباب الترف وهي نفسها الفكرة التي دفعت بسقراط للمشي حافي القدمين مهلهل الثياب
إن أول ما كتب أفلاطون في محاوراته تجسدت فيها نزعة سقراط لمعرفة الأحكام الأخلاقية فمحاورة شارميدس معنية بتعريف الاعتدال وليسيس اهتمت بمفهوم الصداقة ولاخس تمحورت حول مفهوم الشجاعة وخلص سقراط إلى أن لا أحد يقترف الخطيئة عن عمد فكل ما يعوز الناس هو المعرفة ليكون الجميع على فضيلة كاملة وبأن ارتكاب الأخطاء هو نتيجة للجهل وأن من يرتكبون الأخطاء يفتقرون إلى معرفة ما هو صحيح
لقد قرن سقراط بين الفضيلة والمعرفة، التي لا يمكن أن نصل إليها إلا بالجدل، والذي سيسمى لاحقا بالجدل السقراطي أي الطريقة التي تلتمس الوصول للحقيقة عن طريق السؤال والجواب بشكل مطرد، والتي كان يهدف من خلالها استخراج المعرفة من نفس سائله. ففلسفة سقراط ترتكز على كون الفضيلة نزعة مغروسة في النفوس البشرية ولا سبيل لاستخراجها إلا بالتذكر. والمنهج السقراطي هو منهج انتقائي قائم على التخلص من الافتراضات، والذي يكون بالعثور على الافتراضات الصحيحة عن طريق تحديد الافتراضات غير الصحيحة والتي تؤدي إلى التناقضات ثم التخلص منها. وقد تم تصميم هذا المنهج بحيث يجبر المرء على مراجعة معتقداته وتحديد مدى صحتها. وفي الواقع، قال “سقراط” ذات مرة: “أعرف أنكم لن تصدقوني ولكن أبرز صور التفوق الإنساني هي مساءلة الذات ومساءلة الآخرين