بقلم : إبراهيم فرحات
يوم من أيام الله .. صباح يوم الخميس إستيقظت ثريا من نومها على صوت صفير المنبه المزعج …تتلمس الزر …تسكته عدة مرات .. تقوم بتثاقل من السرير فتحدث جلبة لزوجها عاطف الذى مايزال يغط فى نوم عميق … أمامها الآن تجهيز الحمام للزوج الكسول ، تحضير الافطار ،إيقاظ مروان للذهاب إلى المدرسة .. كل شىء يبدوعلى مايرام .. مروان تناول إفطاره بعد تجهيز الجدول و دس السندويتشات بالحقيبة وهو عابس الوجه ينتظر سماع كلكس باص المدرسة ،عاطف يتأهب للخروج إلى عمله بمصلحة الضرائب ويلتفت إلى زوجته يحثها على تجهيز الغذاء وطهى الاسماك بالطريقة التى يحبها مع إبتسامة ماكرة .. ويخلو البيت إلا منها ..
ثريا ترتدى ملابسها فى عجالة تمهيدا للذهاب إلى عملها بمصلحة الشهر العقارى … ومع صعوبة المواصلات تتعرض لبعض المضايقات فى الباص المكتظ بالركاب ويلتف الرجال حولها وهكذا كل يوم .. تقف بجانب رجل استشعرته مهذبا ربما يقوم لتجلس هي ..، ولكن لاجدوى … تنزل من الباص وهى على باب المصلحة يستوقفها رجل منتفخ الاوداج ،بدين ، أحمر الوجه يقول لها فى جديه ( ثريا منتظرك بمكتبى ماتتأخريش ) فتهز رأسها .. تجلس على مكتبها العتيق ذو الزجاج المكسور والكرتون المتسخ وتضع حقيبتها وترتب بعض الملفات ثم تنتقى ملفًا وتأخذه و تذهب إلى مكتب المدير صاحب الوجة الأحمر … تدخل فيجلسها ..تقدم له الملف … فلا يلتفت ويوجه لها كلامه ( عيبك ياثريا إنك جد قوى ) فترد عليه ( الملف حضرتك مستوفى وجاهز ع التوقيع ) ينظر إليها ممتعضا ويهز رأسه ويقول لها ( شكرا … إتفضلى ) ويتابعها بعينه حتى تخرج.. ترجع ثريا إلى مكتبها لتجد طابورا من الطلبات فتجلس وتمارس عملها فى هدوء وفى هذه الاثناء يصيح رجل من منتصف الصف ( ماتخلصى يامدام عندنا مصالح ) فتنظر إليه.. وينتظر باقى من بالصف ردة فعلها … ولكن لاجدوى ..و لارد .. وذلك مما عصب الرجل وجعله يهرتل بكلمات غير مفهومة …. يسحب عم حسين كوب الشاى البارد دون أن تشرب منه ثريا رشفة واحدة ..ويمر الوقت و أخيرا ينتهى يوم عمل شاق بآخر الاسبوع وتلملم ثريا أوراقها وتهم بمغادرة المصلحة … رنين الموبايل .. مكالمة من زوجها عاطف يطلب منها زيادة كمية الاسماك ويخبرها أن أخته تركت بيت زوجها غاضبه وستقيم معهم حتى تستتب الامور … تهرول ثريا إلى محل الأسماك الذى يبعد عن منزلها وتنتقى أكثر من صنف مع شرح طريقة الطهى لكل نوع … تنتظر على الكرسى الخشبى الغير متوازن ويرن الموبايل … عاطف يستعجلها ويخبرها ان زوج أخته إتصل به وإنتهت المشكلة بينهما … عادت ثريا إلى البيت .. محملة بأكياس كثيرة من الاسماك والمقبلات وتتجه إلى المطبخ .. تركت الأكياس والاغراض جانبا وذهبت لتغير ملابسها ومروان يستعجلها ويسير معها وتتعثر فيه وإلحاح يصل إلى حد البكاء من الجوع .. تجهز بعض السلاطات وأهم صنف لزوجها هو شوربة السى فود .. يتناول الجميع الغذاء وينام عاطف بعد أن حبس بالشاى كالعادة و تجلس ثريا وابنها الوحيد مروان ليحكى لها ماذا كان يومه وهى تسايره وتتدارس معه الواجبات المدرسية وتتركه وتهرول إلى المطبخ لترتيب هذه الفوضى من الاطباق والحلل والاكياس والاوراق …و بعد العشاء اعدت فنجان القهوة المعتبر لزوجها عاطف ووقت يمر مع الفيلم الاجنبى المثير و يهمس عاطف فى أذن زوجته ( مروان نام ؟) فترد بالإيجاب .. فيقول لها بصوت دافىء وعين تكاد تلتهمها (قميص النوم الأسود عليكى مالوش حل يا عمرى ) فتهز رأسها وتفتح دولاب الملابس وتتخير قميص النوم الأسود ويتم إظلام الشقة إلامن ضوء خافت وأصوات أيضا خافتة ..
إنتهت …